مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ» أي و الله أعلمأ سرق أخ له أم لا عن الزجاج و يكون المعنىأنتم أسوأ حالا من يوسف فإنه لم يكن لهصنيع في المنطقة و كان يتصدق بإذن أبيه ولم تكونوا براء مما عاملتموه به و قيلمعناه أنتم شر صنيعا بما أقدمتم عليه منظلم أخيكم و عقوق أبيكم فأنتم شر مكانا عندالله منه أي أسر هذه المقالة في نفسه ثمجهر بقوله «وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِماتَصِفُونَ» قال الحسن لم يكونوا أنبياء فيذلك الوقت و إنما أعطوا النبوة بعد ذلك والصحيح عندنا أنهم لم يكونوا أنبياء لأنالنبي عندنا لا يجوز أن يقع منه فعل القبيحأصلا و قال البلخي إنهم كذبوا في هذا القولو لم يصح أنهم كانوا أنبياء و جوز أن يكونالأسباط غيرهم أو أن يكونوا من أولادهم«قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّلَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْأَحَدَنا مَكانَهُ» أي بدلا عنه إنماقالوا هذا لما علموا أنه استحقه فسألوه أنيأخذ عنه بدلا شفقة على والدهم و رققوا فيالقول على وجه الاسترحام و معناه كبيرا فيالسن و قيل كبيرا في القدر لا يحبس ابنمثله «إِنَّا نَراكَ مِنَالْمُحْسِنِينَ» إلى الناس و قيل منالمحسنين إلينا في الكيل و رد البضاعة و فيالضيافة و نحن نأمل هذا منك لإحسانك إليناو قيل إن فعلت هذا فقد أحسنت إلينا فأجابهميوسف بأن «قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْنَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَناعِنْدَهُ» أي أعوذ بالله أن آخذ البريءبجرم السقيم و قال من وجدنا متاعنا عنده ولم يقل من سرق تحرزا من الكذب «إِنَّاإِذاً لَظالِمُونَ» أي لو فعلنا ذلك لكناظالمين و في هذا دلالة على أن أخذ البريءبالمجرم ظلم و من فعله كان ظالما و اللهيتعالى و يجل عن ذلك علوا كبيرا «فَلَمَّااسْتَيْأَسُوا مِنْهُ» أي فلما يئس إخوةيوسف من يوسف أن يجيبهم إلى ما سألوه منتخلية سبيل ابن يامين معهم «خَلَصُوانَجِيًّا» أي انفردوا عن الناس من غير أنيكون معهم من ليس منهم يتناجون فيمايعملون في ذهابهم إلى أبيهم من غير أخيهم ويتدبرون في أنهم يرجعون أم يقيمون وتلخيصه اعتزلوا عن الناس متناجين و هذا منألفاظ القرآن التي هي في الغاية القصوى منالفصاحة و الإيجاز في اللفظ مع كثرةالمعنى «قالَ كَبِيرُهُمْ» و هو روبين وكان أسنهم و هو ابن خالة يوسف و هو الذي نهىإخوته عن قتله عن قتادة و السدي و الضحاك وكعب و قيل شمعون و هو كبيرهم في العقل والعلم لا في السن و كان رئيسهم عن مجاهد وقيل يهوذا و كان أعقلهم عن وهب الكلبي وقيل لاوي عن محمد بن إسحاق و عن علي بنإبراهيم بن هاشم «أَ لَمْ تَعْلَمُواأَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْمَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ» أراد به الوثيقةالتي طلبها منهم يعقوب حين قال لن أرسلهمعكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني بهفذكرهم ذلك «وَ مِنْ قَبْلُ مافَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ» أي قصرتم فيأمره و كنتم قد عاهدتم أباكم أن تردوه إليهسالما فنقضتم العهد «فَلَنْ أَبْرَحَالْأَرْضَ» أي لا أزال بهذه الأرض و لاأزول عنها و هي أرض مصر «حَتَّى يَأْذَنَلِي أَبِي» في البراح و الرجوع إليه «أَوْ