(و الثاني) أن يكون فعلا من نسيت لأنالشيء إذا أخر فكأنه نسي (و الثالث) و فيالصيغة أن يكون أراد النسيء على فعيل ثمخفف و أدغم فصار النسي ثم قصر فعيلا بحذفيائه فصار نسي ثم أسكن عين فعل فصار نسيكما قيل في سميح سمح و في رطيب رطب و فيجديب جدب فأما قوله «يُضَلُّ» فليس في يضلإشكال و لا في يضل لأن المضل لغيره ضالبفعله إضلال غيره فأما يضل فالمعنى فيه أنكبراءهم و أشرافهم يضلونهم بحملهم على هذاالتأخير في الشهور و قرئ في الشواذ يضلبفتح الياء و الضاد و هذه لغة أعني ضللتأضل
اللغة
قال أبو زيد نسأت الإبل في ظمئها يوما أويومين أو أكثر من ذلك و المصدر النسيءيقال نسأت الإبل عن الحوض أنسأها نساء إذاأخرتها عنه و المواطاة الموافقة يقال واطأفي الشعر إذا قال بيتين على قافية واحدة وأوطأ مثله.
المعنى
لما قدم سبحانه ذكر السنة و الشهر عقبهبذكر ما كانوا يفعلونه من النسيء فقال«إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِيالْكُفْرِ» يعني تأخير الأشهر الحرم عمارتبها الله سبحانه عليه و كانت العرب تحرمالشهور الأربعة و ذلك مما تمسكت به من ملةإبراهيم و إسماعيل و هم كانوا أصحاب غاراتو حروب فربما كان يشق عليهم أن يمكثواثلاثة أشهر متوالية لا يغزون فيها فكانوايؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيحرمونه ويستحلون المحرم فيمكثون بذلك زمانا ثميزول التحريم إلى المحرم و لا يفعلون ذلكإلا في ذي الحجة قال ابن عباس و معنى قوله«زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ» أنهم كانواأحلوا ما حرم الله و حرموا ما أحل الله قالالفراء و الذي كان يقوم به رجل من كنانةيقال له نعيم بن ثعلبة و كان رئيس الموسمفيقول أنا الذي لا أعاب و لا أخاب و لا يردلي قضاء فيقولون نعم صدقت أنسئنا شهرا أوأخر عنا حرمة المحرم و اجعلها في صفر و أحلالمحرم فيفعل ذلك و الذي كان ينساها حينجاء الإسلام جنادة بن عوف بن أمية الكنانيقال ابن عباس و أول من سن النسيء عمرو بنلحي بن قمعة بن خندف و قال أبو مسلم بن أسلمبل رجل من بني كنانة يقال له القلمس كانيقول إني قد نسأت المحرم العام و هما العامصفران فإذا كان العام القابل قضينافجعلناهما مجرمين قال شاعرهم:
" و ما ناسئ الشهر القلمس"
و قال الكميت:
و نحن الناسئون على معد
شهور الحلنجعلها حراما
شهور الحلنجعلها حراما
شهور الحلنجعلها حراما