«اثَّاقَلْتُمْ» افاعلتم و أصله تفاعلتمأدغمت التاء في الثاء لمناسبتها لها ثمأدخلت ألف الوصل ليمكن الابتداء بها ومثله ادَّارَكُوا و أتابع في قول الشاعر: تولي الضجيع إذا ما أشتاقها خصرا *** عذبالمذاق إذا ما أتابع القبل
النزول
قالوا لما رجع رسول الله (ص) من الطائف أمربالجهاد لغزوة الروم و ذلك في زمان إدراكالثمار فأحبوا المقام في المسكن و المال وشق عليهم الخروج إلى القتال و كان (ع) قلماخرج في غزوة إلا كنى عنها و وري بغيرها إلاغزوة تبوك لبعد شقتها و كثرة العدو ليتأهبالناس فأخبرهم بالذي يريد فلما علم اللهسبحانه تثاقل الناس أنزل الآية.
المعنى
ثم عاتب سبحانه المؤمنين في التثاقل عنالجهاد فقال «يا أَيُّهَا الَّذِينَآمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ» أيإذا دعاكم رسول الله (ص) و قال لكم«انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» أيأخرجوا إلى مجاهدة المشركين و هو هاهناغزوة تبوك عن الحسن و مجاهد«اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ» أيتثاقلتم و ملتم إلى الإقامة في الأرض التيأنتم عليها قال الجبائي هذا الاستبطاءمخصوص بنفر من المؤمنين لأن جميعهم لميتثاقلوا عن الجهاد فهو عموم أريد بهالخصوص بدليل «أَ رَضِيتُمْ بِالْحَياةِالدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ» هذا استفهاميراد به الإنكار و معناه آثرتم الحياةالدنيا الفانية على الحياة في الآخرةالباقية في النعيم الدائم «فَما مَتاعُالْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِإِلَّا قَلِيلٌ» أي فما فوائد الدنيا ومقاصدها في فوائد الآخرة و مقاصدها إلاقليل لانقطاع هذه و دوام تلك ثم عقبهسبحانه بالتهديد و الوعيد فقال «إِلَّاتَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ الله عَذاباًأَلِيماً» و معناه لا تخرجوا إلى القتالالذي دعاكم إليه الرسول و تقعدوا عنهيعذبكم الله عذابا أليما مؤلما في الآخرةو قيل في الدنيا «وَ يَسْتَبْدِلْ» بكم«قَوْماً غَيْرَكُمْ» لا يتخلفون عنالجهاد و قيل هم أبناء فارس عن سعيد بنجبير و قيل هم أهل اليمن عن أبي روق و قيلهم الذين أسلموا بعد نزول هذه الآية عنالجبائي «وَ لا تَضُرُّوهُ شَيْئاً» أي ولا تضروا الله بهذا القعود شيئا لأنه غنيلنفسه لا يحتاج إلى شيء عن الحسن و أبيعلي و قيل معناه و لا تضروا الرسول شيئالأن الله عصمه من جميع الناس و ينصرهبالملائكة أو بقوم آخرين من المؤمنين «وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»فهو القادر على الاستبدال بكم و على غيرذلك من الأشياء قال الزجاج و هذا وعيد شديدفي التخلف عن الجهاد.