ثم أظهر سبحانه أسرار المنافقين فقال«يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا» يعنيأنهم حلفوا كاذبين ما قالوا ما حكي عنهم ثمحقق عليهم ذلك و أقسم سبحانه بأنهم قالواذلك لأن اللام في «لَقَدْ قالُوا» لامالقسم و «كَلِمَةَ الْكُفْرِ» كل كلمةفيها جحد لنعم الله تعالى و كانوا يطعنونفي الإسلام «وَ كَفَرُوا بَعْدَإِسْلامِهِمْ» أي بعد إظهار إسلامهم يعنيظهر كفرهم بعد أن كان باطنا «وَ هَمُّوابِما لَمْ يَنالُوا» قيل فيه ثلاثة أقوال(أحدها) أنهم هموا بقتل النبي (ص) ليلةالعقبة و التنفير بناقته عن الكلبي ومجاهد و غيرهما (و ثانيها) أنهم هموابإخراج الرسول من المدينة فلم يبلغوا ذلكعن قتادة و السدي (و ثالثها) أنهم هموابالفساد و التضريب بين أصحابه و لم ينالواذلك عن الجبائي «وَ ما نَقَمُوا إِلَّاأَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُمِنْ فَضْلِهِ» معناه أنهم عملوا بضدالواجب فجعلوا موضع شكر النعمة أن نقموهاو بيانه أنهم نقموا فيما ليس بموضع للنقمةفإنه لم يكن للمسلمين ذنب ينقمونه منهم بلالله تعالى أباح لهم الغنائم و أغناهمبذلك فقابلوا النعمة بالكفران و كان منحقهم أن يقابلوها بالشكر و قد مر هذاالمعنى عند قوله «قُلْ يا أَهْلَالْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا»الآية في سورة المائدة و إنما لم يقل منفضلهما لأنه لا يجمع بين اسم الله و اسمغيره في الكناية تعظيما لله و لذلك قال النبي (ص) لمن سمعه يقول من أطاع الله ورسوله فقد اهتدى و من عصاهما فقد غوى بئسخطيب القوم أنت فقال كيف أقول يا رسول الله(ص) قال قل و من يعص الله و رسوله و هكذا القول في قوله سبحانه «وَ اللَّهُوَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ» وقيل إنما لم يقل من فضلهما لأن فضل اللهسبحانه