ثم أخبر سبحانه عنهم فقال «وَ مِنْهُمْ»أي من جملة المنافقين الذين تقدم ذكرهم«مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْفَضْلِهِ» أي لئن أعطانا من رزقه«لَنَصَّدَّقَنَّ» أي لنتصدقن علىالفقراء «وَ لَنَكُونَنَّ مِنَالصَّالِحِينَ» بإنفاقه في طاعة الله وصلة الرحم و مؤاساة أهل الحاجة «فَلَمَّاآتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ» أي أعطاهم مااقترحوه و رزقهم ما تمنوه من الأموال«بَخِلُوا بِهِ» أي شحت نفوسهم عن الوفاءبالعهد و منعوا حق الله منه «وَتَوَلَّوْا» عن فعل ما أمرهم الله به «وَهُمْ مُعْرِضُونَ» عن دين الله تعالى«فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِيقُلُوبِهِمْ» أي فأورثهم بخلهم بماأوجبوا الله تعالى على أنفسهم النفاق فيقلوبهم و أداهم إلى ذلك عن الحسن كأنهمحصلوا على النفاق بسبب البخل و هذا كمنيقول لابنه أعقبك صحبة فلان ترك التعلم وقيل معناه أعقبهم الله بذلك حرمان التوبةكما حرم إبليس عن مجاهد و أراد بذلك أنهدلنا على أنه لا يتوب كما دلنا من حالإبليس على أنه لا يتوب لأنه سلب عنه قدرةالتوبة «إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ» أييلقون جزاء البخل فذكر البخل و أراد بهجزاءه كقوله سبحانه «أَعْمالُهُمْكَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ» وعلى القول الثاني فمعناه إلى يوم يلقونالله أي اليوم الذي لا يملك فيه النفع والضر إلا الله تعالى و هذا إخبار من اللهتعالى عن هؤلاء المنافقين أنهم يموتون علىالنفاق و كان ذلك معجزة للنبي (ص) لأنه خرجمخبره على وفق خبره «بِما أَخْلَفُوااللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوايَكْذِبُونَ» بين سبحانه أن هذا إنماأصابهم بفعلهم السيئ و هو إخلافهم الوعد وكذبهم «أَ لَمْ يَعْلَمُوا» أي أ لم يعلمهؤلاء المنافقون «أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُسِرَّهُمْ» أي ما يخفون في أنفسهم