مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
«الْمُطَّوِّعِينَ» المتطوعين بالصدقة«مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» و يطعنون عليهم«فِي الصَّدَقاتِ وَ الَّذِينَ لايَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ» أي ويعيبون الذين لا يجدون إلا طاقتهمفيتصدقون بالقليل قيل أتاه عبد الرحمن بنعوف بصرة من دراهم تملأ الكف و أتاه عقبةبن زيد الحارثي بصاع من تمر و قال يا رسولالله عملت في النخل بصاعين فصاعا تركتهلأهلي و صاعا أقرضته ربي و جاء زيد بن أسلمبصدقة فقال معتب بن قشير و عبد الله بننبتل إن عبد الرحمن رجل يحب الرياء و يبتغيالذكر بذلك و إن الله غني عن الصاع منالتمر فعابوا المكثر بالرياء و المقلبالإقلال «فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ» أيفيستهزءون منهم «سَخِرَ اللَّهُمِنْهُمْ» أي جازاهم جزاء سخريتهم حيثصاروا إلى النار «وَ لَهُمْ عَذابٌأَلِيمٌ» أي موجع مؤلم و روي عن النبي (ص) أنه سئل فقيل يا رسول اللهأي الصدقة أفضل قال جهد المقل «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاتَسْتَغْفِرْ لَهُمْ» صيغته صيغة الأمر والمراد به المبالغة في الإياس من المغفرةبأنه لو طلبها طلب المأمور بها أو تركهاترك المنهي عنها لكان ذلك سواء في أن اللهتعالى لا يفعلها كما قال سبحانه في موضعآخر سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَلَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ «إِنْتَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةًفَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ» الوجهفي تعليق الاستغفار بسبعين مرة المبالغةلا العدد المخصوص و يجري ذلك مجرى قولالقائل" لو قلت لي ألف مرة ما قبلت" والمراد إني لا أقبل منك فكذلك الآية والمراد بذلك فيها نفي الغفران جملة و قيلإن العرب تبالغ بالسبعة و السبعين و لهذاقيل للأسد السبع لأنهم تأولوا فيه لقوتهأنها ضوعفت له سبع مرات و أما ما ورد أن النبي (ص) قال و الله لأزيدن عنالسبعين فإنه خبر واحد لا يعول عليه و لا يتضمن أنالنبي (ص) يستغفر للكفار و ذلك غير جائزبالإجماع و قد روي أنه قال لو علمت أنه لو زدت على السبعينمرة غفر لهم لفعلت و يحتمل أن يكون النبي (ص) يرجو أن يكون لهملطف يصلحون به فعزم على الاستغفار لهمفلما بين الله عز اسمه أنه ليس لهم لطف تركذلك و يحتمل أن يكون قد استغفر لهم قبل أنيعلم بكفرهم و نفاقهم و يحتمل أن يكون قداستغفر لهم قبل أن يخبر بأن الكافر لا يغفرله أو قبل أن يمنع منه و يجوز أن يكوناستغفاره لهم واقعا بشرط التوبة من الكفرفمنعه الله منه و أخبره بأنهم لا يؤمنونأبدا فلا فائدة في الاستغفار لهم و اللهأعلم بحقيقة الأمر «ذلِكَ بِأَنَّهُمْكَفَرُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ» معناهأن حرمان المغفرة لهم بكفرهم بالله ورسوله «وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَالْفاسِقِينَ» مر معناه.