مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 5
لطفا منتظر باشید ...
يخرجهم معه إلى تبوك استأذنوه في التأخرفأذن لهم فرحوا بقعودهم فقال «فَرِحَالْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ» أيبقعودهم عن الجهاد «خِلافَ رَسُولِاللَّهِ» أي بعده و قيل معناه لمخالفتهمالنبي (ص) «وَ كَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوابِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِيسَبِيلِ اللَّهِ» ظاهر المعنى «وَقالُوا» أي قالوا للمسلمين ليصدوهم عنالغزو «لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ» أي لاتخرجوا إلى الغزو سراعا في هذا الحر و قيلبل معناه قال بعضهم لبعض ذلك طلبا للراحة والدعة و عدولا عن تحمل المشاق في طاعة اللهو مرضاته «قُلْ» يا محمد لهم «نارُجَهَنَّمَ» التي وجبت لهم بالتخلف عن أمرالله تعالى «أَشَدُّ حَرًّا» من هذا الحرفهي أولى بالاحتراز و الحذر عنها إذ لايعتد بهذا الحر في جنب ذلك الحر «لَوْكانُوا يَفْقَهُونَ» أوامر الله تعالى ووعده و وعيده «فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًاوَ لْيَبْكُوا كَثِيراً» هذا تهديد لهم فيصورة الأمر أي فليضحك هؤلاء المنافقون فيالدنيا قليلا لأن ذلك يفنى و إن دام إلىالموت و لأن الضحك في الدنيا قليل لكثرةأحزانها و همومها و ليبكوا كثيرا فيالآخرة لأن ذلك يوم مقداره خمسين ألف سنة وهم فيه يبكون فصار بكاؤهم كثيرا «جَزاءًبِما كانُوا يَكْسِبُونَ» من الكفر والنفاق و التخلف بغير عذر عن الجهاد قالابن عباس إن أهل النفاق ليبكون في النارعمر الدنيا فلا يرقأ لهم دمع و لا يكتحلونبنوم و روى أنس بن مالك عن النبي (ص) أنه قال لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتمكثيرا «فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ» يا محمد أيفإن ردك الله من غزوتك هذه و سفرك هذا«إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ» أي منالمنافقين الذين تخلفوا عنك و عن الخروجمعك «فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ» معكإلى غزوة أخرى «فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوامَعِيَ أَبَداً» إلى غزوة «وَ لَنْتُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا» ثم بينسبحانه سبب ذلك فقال «إِنَّكُمْرَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَمَرَّةٍ» أي عن غزوة تبوك «فَاقْعُدُوامَعَ الْخالِفِينَ» في كل غزوة و اختلف فيالمراد بالخالفين فقيل معناه مع النساء والصبيان عن الحسن و الضحاك و قيل مع الرجالالذين تخلفوا من غير عذر عن ابن عباس و قيلمع المخالفين قال الفراء يقال عبد خالف وصاحب خالف إذا كان مخالفا و قيل مع الخساسو الأدنياء يقال فلان خالفه أهله إذا كانأدونهم و قيل مع أهل الفساد من قولهم خلفالرجل على أهله يخلف خلوفا إذا فسد و نبيذخالف أي فاسد و خلف فم الصائم إذا تغيرتريحه و قيل مع المرضى و الزمنى و كل من تأخرلنقص عن الجبائي.