ثم أخبر الله سبحانه عن هؤلاء القوم الذينتأخروا عن الخروج مع النبي (ص) فقال«يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ» من تأخرهمعنكم بالأباطيل و الكذب «إِذا رَجَعْتُمْإِلَيْهِمْ» أي إذا انصرفتم إلى المدينةمن غزوة تبوك «قُلْ» يا محمد «لاتَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ» أيلسنا نصدقكم على ما تقولون «قَدْنَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ»أي قد أخبرنا الله و أعلمنا من أخباركم وحقيقة أمركم ما علمنا به كذبكم و قيل إنهأراد به قوله سبحانه «لَوْ خَرَجُوافِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا»الآية «وَ سَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ» أي سيعلم الله فيما بعد ورسوله عملكم هل تتوبون من نفاقكم أمتقيمون عليه و قيل معناه سيعلم اللهأعمالكم و عزائمكم في المستقبل و يظهر ذلكلرسوله فيعلمه الرسول بإعلامه إياه فيصيركالشيء المرئي لأن أظهر ما يكون الشيءأن يكون مرئيا كما علم ذلك في الماضي فأعلمبه الرسول «ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلىعالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ» أيترجعون بعد الموت إلى الله سبحانه الذييعلم ما غاب و ما حضر و ما يخفى عليه السر والعلانية «فَيُنَبِّئُكُمْ بِماكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» أي يخبركمبأعمالكم كلها حسنها و قبيحها فيجازيكمعليها أجمع «سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِلَكُمْ» أي سيقسم هؤلاء المنافقون والمتخلفون فيما يعتذرون به إليكم أيهاالمؤمنون «إِذَا انْقَلَبْتُمْإِلَيْهِمْ» إنهم إنما تخلفوا لعذر«لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ» أي لتصفحوا عنجرمهم و لا توبخوهم و لا تعنفوهم ثم أمرالله سبحانه نبيه (ص) و المؤمنين فقال«فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ» أي إعراض رد وإنكار و تكذيب و مقت ثم بين عن سبب الإعراضفقال «إِنَّهُمْ رِجْسٌ» أي نجس و معناهأنهم كالشيء المنتن الذي يجب الاجتنابعنه فاجتنبوهم كما تجتنب الأنجاس «وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ» أي مصيرهم و مآلهمو مستقرهم جهنم «جَزاءً بِما كانُوايَكْسِبُونَ» أي مكافاة على ما كانوايكسبونه من المعاصي «يَحْلِفُونَ لَكُمْلِتَرْضَوْا عَنْهُمْ» أي طلبا لمرضاتكمعنهم أيها المؤمنون «فَإِنْ تَرْضَوْاعَنْهُمْ» لجهلكم بحالهم «فَإِنَّاللَّهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِالْفاسِقِينَ» الخارجين من طاعته إلىمعصيته لعلمه بحالهم و معناه أنه لاينفعهم رضاكم عنهم مع سخط الله عليهم وارتفاع رضاه عنهم و إنما قال سبحانه ذلكلئلا يتوهم أنه إذا رضي المؤمنون فقد رضيالله و المراد بذلك أنه إذا كان الله لايرضى عنهم فينبغي لكم أيضا أن لا ترضواعنهم و في هذا دلالة على أن من طلب بفعلهرضا الناس و لم يطلب رضا الله سبحانه فإنالله يسخط الناس عليه كما جاء في