ذخیره الدارین فیما یتعلق بمصائب الحسین و اصحابه (علیهم السلام) نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
المجلّد الثانى مفصلا، لا نّه كان يعلم اءنّ ذلك يصير سببا لذهاب دولته .وامـّا يـزيـد اللّعـيـن فـكـان بـالعـكـس ، فـإنـّه حـيـن بـويـع بـعـد مـعـاويـة اءرسـل جـهـارا كـتـابـا يـشـتمل على قتل الحسين (ع ) اءينما وجد، فهرب الحسين من المدينة خوفا من القـتـل إلى مـكـة ، فـانـفـذ يزيد اللّعين عمرو بن سعيد بن العاص ، في عسكر عظيم ، وولاّه اءمر المـوسـم ، واءوصـاه بـقـبـض الحـسـيـن (ع ) وقـتـله بـاءيّ نـحـو كـان وعـلى اءيـّ حـال إتـّفق ، فلمّا علم الحسين (ع ) بذلك اءحلّ من إحرام الحجّ، وجعلها عمرة مفردة (كذا) وخرج منها خـائفـا يـترقّب ، حتّى انّه روى باءسانيد: انّه لمّا منعه محمّد بن الحنفية عن الخروج إلى الكوفة قـال : (واللّه يـا اءخـي لو كـنـت فـى جحر هامة من هوّام الا رض ، لاستخرجوني منه ، حتّى يقتلوني ). بـل الظـاهـر إنـّه لو كـان يـسـالمـهـم ويـبـايـعـهـم لم يـتـركوه ايضا، لشدّة عداوتهم ووقاحتهم ، بل كانوا يغتالونه بكلّ حيلة ، ويدفعونه بكل وسيلة . وإنّما كانوا يعرضون عليه البيعة اءولا لعلمهم باءنّه لا يوافقهم في ذلك ويعلم مكرهم .اءلاتـرى إلى مـروان كـيـف كـان يـشـيـر عـلى وإلى المـديـنـة ، بـقـتـله قـبـل عـرض البـيـعـة عـليـه ، وكـان يـزيـد اللّعـيـن قـد كـتـب صـريـحـا إلى وإلى المـديـنـة بـارسـال راس الحـسـيـن (ع )، وكـان إبـن زيـاد اللّعـيـن يقول في الكوفة : اعرضوا عليه اءن ينزل على اءمرنا ثم نرى فيه راءينا.الاترى كيف آمن مسلما بالكوفة ثمّ قتله . (354) وبـالجـمـلة كـان يـعـلم الحـسـيـن (ع ) اءنـّهـم قـاتـلوه لامـحـالة ، فـاخـتـار القتل بالمحاربة ، على قتله غيلة وذلّة ، لمصالح عظيمه منها ما مرّ وما ياءتى .الثـالث : انّ كـثـيـرا مـن الصـّحـابـة ، والتـّابعين من اصحاب اءميرالمؤ منين (ع )، العارفين بحقّ اءهـل البـيـت ، المـتمسّكين بولايتهم وإمامتهم ، كانوا موجودين في وقت الحسن (ع )، بحيث كان يمكن اءن تـحـصـل الهـدايـة منهم ، لمن اءراد الا هتداء ولو سرّا، وبغير إطّلاع الا عداء، كما كان في زمان خـلافـة الثـّلاثـة ، بـل كـان يـتـظـاهـر بـعـض مـنـهـم بـذلك ، مـع إنّ مـعـاوية واءتباعه يجهدون كـمـال الجـهـد، ويـبـذلون الا مـوال فـي إزالتـه وتـرويـج خـلافـه كـمـا صـرّح بـه جـمـاعـة مـن اءهل السّير المخالف والمؤ الف .واءمـّا فـي وقـت الحـسـيـن (ع ) فـلم يـكـن مـنـهـم بـاقـيـا، بـل ولا مـن اءتـبـاعـهـم ، إلاّ اءقـلّ قـليـل وهـم ايـضـا بـين تارك لذلك للا طماع الدّنيوية ، وساكت للخوف والتقية ، حتّى إن كلّ من تـاءمّل حقّ التاءمل ، فيما نقل من اءحوال ذلك الزمان ، علم يقينا وعرف عيانا اءنّ الحسين (ع ) فدى نـفـسـه المـقـدسة [ل] دين جدّه ، حيث لم يتزلزل اركان دولة بنى اميّة الا بعد شهادته ، ولم يظهر عـلى النـّاس كـفـرهـم وضـلالتهم ، الاّ عند فوزه بسعادته ، ولو كان يسالمهم ويوادعهم ، كاءن يقوى سلطانهم ويشتبه على النّاس امرهم ، فيعود بعد حين ، اءعلام الدّين طامسة ، واءثار الهدايه مندرسة ، ضرورة انّ النّاس عبيد الدّراهم والدّنانير، وكان معاوية واءتباعه يبذلونها في الترغيب اليـهـم والتـحـريـف عـن اءهـل بـيـت نـبـيـّهم ، فميل النّاس إلى حسن الا عتقاد بهم وتصحيح قبايح اءعـمالهم واءقوالهم ، حتّى بتاءويل بعضها وسرّ بعض ، مهما امكن على المعترض عليهم ، إنّه لم يـكـن يـخـطـر بـبـال اكـثـرهـم ، بـل لم يـكـن يـحـتـمـل عـنـدهـم اءنّ بـنـى امـيـّة يـجـرؤ ن عـلى قـتـل مـثل الحسين (ع )، بل كانوا لا يقبلون ايضا، اءنّ سمّ الحسن بن على (ع ) كان من معاوية ، فلما راءوا قـضـيـة الحـسـيـن (ع ) ومـا فـعـلوا بـه وبـاءصـحـابـه وحـريـمـه ، سـيـّمـا سـبـى بـنـات رسـول اللّه (ص ) واءولاده وعـيـاله ذلاًّ وصـغـارا واءدارهـم فـي البـلاد عـلى اءقـتـاب الجمال جهرا، بَيّن عندهم عيانا إنّ بني اميّة ليسوا على دين اللّه ورسوله في شى ء، فصار ذلك سـبـب إنـحـراف النـاس عنهم ، فخرج عليهم جماعة من الا طراف ، حتّى اءنّ عبد اللّه بن عمر كاتب يـزيـد بـن مـعـاويـة بمعاتبته فعله ، وحكم جهارا بكفره ، واءراد الخروج عليه فردّ عليه يزيد بجواب اءسكته به وشرع جماعة في البحث عن الدين الحقّ، حيث عرفوا ضلالة القوم .فـكـان عـلى بـن الحـسـيـن (ع ) يشترى عبيدا ويعلّمهم دين الحقّ، ثمّ يعتقهم ، ويفرقهم في البلاد،