عمانوئيل: لماذا غاب عنك أن الزنا من أعمال النفس الآلية وأن إرادة النفس له إذا اقتضتها وجهة التصور إنما تكون من وجدان النفس للشهوة بواسطة اتحاد النفس بالبدن وارتباطها به. تتحرك قوة الجسد فتشتهي النفس فتريد فتحرك الأعضاء على عمل الزنا، وكيف تشتهي النفس إذا بطلت قوة الجسد وكيف تريد ما لم يمكن إعماله ولا تجد له أدنى ميل ولا آلة. إذا لم يكن لك ولد فإنك لا تريد أن تسرق له مزمارا يزمر به لكي تستريح من هياجه ومطالبته بالمزمار.وأما إذا كان لك ولد يطالبك بالمزمار فليس من اللازم الطبيعي أن تكون سارق مزامير لأجل تسكيته بل إنك بحسب وجهة تصورك إما أن تكون سارق مزامير سواء كنت متمكنا من الشراء أم لا وإما أن تشتري له بالحلال ما يسكن هياجه وإما أن تعرض عنه وهو يهدأ أخيرا. هذا مثال الزاني الذي ذكرته في حال إخصائه وفحولته. أما قول القائل إنه يكون عند إخصائه أعف من يوسف فهو كلام من لا يعرف للعفة معنى. ليست العفة عدم الفعل عند عدم القدرة وإنما العفة هي ترفع النفس الشريفة بتصوراتها الراقية عن العمل القبيح مع القدرة عليه ووجدان شهوته.