المسألة الخامسة:
ولا يجوز الوضوء بشئ من الأنبذة عندنا إنالوضوء بشئ من الأنبذة لا يجوز: لاالنية منها ولا المطبوخة ولا النقيعة وهومذهب مالك والشافعي وأبي يوسف وأحمد بن
حنبل وداود. وأجاز أبو حنيفة التوضؤ بنبيذالتمر المطبوخ الشديد عند عدم الماء. وقال
محمد بن الحسن يتوضأ به ويتمم مع فقدالماء فأوجب الجمع بينهما في السفر.
ودليلنا على صحة مذهبنا مع الاجماعالمقدم ذكره بل إجماع أهل البيت (ع)، قولهتعالى:
فإن لم تجدوا ماء... الآية، فنقلنا منالماء إلى التراب من غير واسطة وأبو حنيفةيخالف هذا
الظاهر لأنه يجعل بينهما واسطة هي النبيذوليس له أن يقول: إن في النبيذ ماء فمن وجده
كان واجدا للماء ولا يجوز انتقاله إلىالتراب وذلك أن ليس كل شئ كان فيه ماء يطلقاسم
الماء عليه لأن الخل وماء الورد وسائرالمائعات فيها ماء ولا يطلق عليها اسمالماء ويتيمم مع
وجودها على أنه لو تناول النبيذ اسم الماءلدخل تحت الآية ويلزم جواز الوضوء بالنبيذ
مع وجود الماء لأنه جار مجراه وقد أجمعواعلى خلاف ذلك على أن الأنبذة المسكرةعندنا
نجسة ولا يجوز الوضوء بها وهي نجسة وماليس بمسكر منها فما دل على أن المائعات
كالخل وما أشبهه لا يجوز الوضوء بها يدلعلى أنه لا يجوز الوضوء به وقد استقصينا في
كتابنا الخلاف بين سائر الفقهاء الكلامفي أنه لا يجوز الوضوء بالأنبذة وتكلمناعلى خبر
الجن ووصفناه. فمن أراد الاستقصاء وجدههناك.
المسألة السادسة:
ولا يجوز الوضوء بالماء المستعمل. عندناإن الماء المستعمل في تطهير الأعضاءوالبدن الذي لا نجاسة عليه إذا جمع فيإناء نظيف كان طاهرا مطهرا ووافقنا في ذلك
الحسن والنخعي والزهري والثوري ومالكوداود وقد قيل: إن مالكا كرهه بعض الكراهية
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن الماءالمستعمل لا يجوز الوضوء به، واختلفوا فينجاسته فقال
أبو يوسف: هو نجس وروي مثل ذلك عن أبيحنيفة، والصحيح من قول أبي حنيفة أنه
طاهر غير مطهر وهو قول محمد بن الحسينوقال الشافعي: أنه طاهر وغير مطهر أيضا وقد