فصل:
وقوله: إن الله يحب التوابين ويحبالمتطهرين، قال عطاء: المتطهرين بالماء،وقال مجاهد: المتطهرين من الذنوب، والأول مرويفي سبب نزول هذه الآية، والعموم يتناول
الأمرين. وإنما قال " المتطهرين " ولم يذكرالمتطهرات لأن المذكر والمؤنث إذا اجتمعافالغلبة
للمذكر، كما قدمناه في قوله: يا أيهاالذين آمنوا. وقيل " التوابين " من الذنوب و" المتطهرين "
بالماء.
ولو قلنا المراد به الرجال دون النساء -لأن الخطاب بالأمر والنهي معهم دونهنلقوله:
فاعتزلوا النساء في المحيض، و " لاتقربوهن " لكان أولى ولم يحتج إلى عذر.ويستدل بهذه
الآية أيضا على استحباب غسل التوبة، وكذاعلى ما ذكرناه من أنهن لا يقربن إلا بعد
الاغتسال.
باب أحكام المياه
قال الله تعالى: وأنزلنا من السماء ماءاطهورا، أي طاهرا مطهرا مزيلا للأحداث
والنجاسات مع طهارته في نفسه، ووصف اللهالماء بكونه طهورا مطلقا يدل على أن
الطهورية صفة أصلية للماء ثابتة له قبلالاستعمال، بخلاف قولهم ضارب وشاتمومتكلم،
لأنه إنما يوصف به بعد ضربه وشتمه وكلامه،ولذلك لا يجوز إزالة النجاسة بمائع سوىالماء.
وكذا لا يجوز الوضوء به والغسل لأنه تعالىنقل الحكم من الماء المطلق إلى التيمم،
ومعناه أنه أوجب التيمم على من لم يجدالماء، وهذا غير واجد للماء، لأن المائعليس بماء لأنه
لا يسمى ماءا. وأيضا فقوله " فتيمموا "الفاء فيه يوجب التعقيب بلا خلاف. ووجهالدلالة
أن الله تعالى قال " وأنزلنا من السماء ماءطهورا "، فأطلق على ما وقع عليه اسم الماء،فإنه
طهور سواء أنزل من السماء أو نبع من الأرضعذبا كان أو ملحا باردا أو مسخنا واقفا
أو جاريا ماء البحر أو البر أو البئر أوالعين.
وقال ابن بابويه: أصل جميع الماء منالسماء لقوله: وأنزلنا من السماء ماءاطهورا،
والطهور هو المطهر في اللغة، فيجب أنيعتبر كلما يقع عليه اسم الماء بأنه طاهرمطهر