رسوله (ص) وألسنة حججه (ع) ما أجمله فيكتابه من الأحكام، لما في
مجمل الكتاب وتفصيل السنة من دواء العليلوشفاء الغليل ما تصير الألطاف الإلهيةبهما
أقوى وأبلغ.
وكلا الأمرين من الله جملة وتفصيلا، ليسللرسول والأئمة (ع) في
شئ من ذلك اجتهاد، إنما هو علم علمهم اللهنعمة عليهم ورحمة للعالمين (حتى أرش
الخدش).
فصل:
والآية تدل على وجوب الترتيب في الوضوء منوجهين:
أحدهما: أن الواو توجب الترتيب لغة علىقول الفراء وأبي عبيد، وشرعا على قول
كثير من الفقهاء، ولقوله (ع): ابدأوا بمابدأ الله به.
والثاني: وهو على قول الجمهور أن اللهأوجب على من يريد القيام إلى الصلاة إذا
كان محدثا أن يغسل وجهه أولا، لقولهتعالى: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا،والفاء
توجب الترتيب والتعقيب بلا خلاف. فإذا ثبتأن البداءة بالوجه هو الثابت ثبت في باقي
الأعضاء لأن أحدا لا يفرق.
ويقويه قوله (ع) للأعرابي حين علمه الوضوءفقال: هذا وضوء لا يقبل الله
الصلاة إلا به. فإن كان رتب فهو كما نقول،وإن لم يرتب لزم أن يكون من رتب لا يجزئه،وقد
أجمعت الأمة على خلافه.
وقال أبو مسلم بن مهرايزد: أجود ما يقالعلى من أجاز وقوع الطهارة بغير الترتيب
أنه قد ثبت أن فاعله مسئ بفعله والمسئمعاقب والاحتراز عن العقاب واجب. قال:
والوجه اسم لما يناله البصر عند المواجهةمن قصاص شعر الرأس إلى منتهى الذقن
طولا.
ولم يحد الله الوجه كما حد اليد، لأنالوجه معروف مختص يجب غسل جميعه، واليد
يشتمل على جميع ما هو من البنان إلى أصلالساعد، ولا يجب غسل جميعها في الوضوء،