إلا ما قام الدليل على تغير حكمه أو أنهغير مطهر وإن كان طاهرا لكونه مضافا.
فصل:
فإن قيل: " الطهور " لا يفيد في لغة العربكونه مطهرا.قلنا: هذا خلاف على أهل اللغة، لأنهم لايفرقون بين قول القائل: هذا ماء طهور، و:
هذا ماء مطهر، بل الطهور أبلغ. وأيضاوجدنا العرب تقول " ماء طهور " و " تراب طهور"
ولا يقولون " ثوب طهور " ولا " خل طهور " لأنالتطهير ليس في شئ من ذلك، فثبت أن
الطهور هو المطهر.
فإن قيل: كيف يكون الطهور هو المطهر واسمالفاعل منه غير متعد.
قلنا: هذا كلام من لم يفهم معاني الألفاظالعربية، وذلك أنه لا خلاف بين أهل النحوأن
اسم المفعول موضوع للمبالغة وتكرر الصفة،فإنهم يقولون: فلان ضارب، فإذا تكرر منه
ذلك وكثر قالوا: ضروب، وإذا كان كون الماءطاهرا ليس مما يتكرر ولا يتزايد فينبغي أن
يعتبر في إطلاق الطهور عليه غير ذلك وليسبعد ذلك إلا أنه مطهر، ولو حملناه على ماحملنا
عليه لفظة طاهر لم يكن فيه زيادة فائدة.
فصل:
ويدل عليه أيضا قوله تعالى: وينزل عليكممن السماء ماءا ليطهركم به، فكل ما وقع عليه اسم الماء المطلق يجب أن يكون مطهرابظاهر اللفظ إلا ما خرج بالدليل. وقوله "ماءا "
يعني مطرا وغيثا. وقوله: ليطهركم به ويذهبعنكم رجز الشيطان، قال ابن عباس: معناه
يذهب عنكم وسوسة الشيطان، فإن الكفارغلبوكم على الماء حتى تصلوا وأنتم مجنبون،
وذلك أن يوم بدر وسوس الشيطان إلىالمسلمين وكان الكفار نزلوا على الماء،فقال لعنه الله:
تزعمون أيها المسلمون أنكم على دين اللهوأنتم على غير الماء وعدوكم على الماء.فأرسل
الله عليهم المطر فشربوا واغتسلوا وأذهببه وسوسة الشيطان، وكانوا على رمل تغوص
فيه الأقدام، فشده المطر حتى ثبتت عليهالأرجل وهو قوله: ويثبت به الأقدام. والهاءفي " به "