الصديق رضي الله عنه بعثه في الحجة التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل حجة الوداع في رهط يؤذن في الناس يوم النحر أن لا يحج بعد العام مشرك و لا يطوف بالبيت عريان ) هذا لفظ رواية البخاري و مسلم و ينكر على المصنف قوله في هذا الحديث روى فاتي به بصيغة تمريض مع أنه في الصحيحين و قال في الحديث الاول لقوله صلى الله عليه و سلم فأتي به بصيغة الجزم مع أنه حديث ضعيف ( و الصواب ) العكس فيهما ( و قوله ) عبادة تفتقر إلى البيت احتراز من الوقوف و السعي و الرمي و الحلق ( و أما ) قوله فافتقرت إلى النية كركعتي المقام فيوهم أن ركعتي الطواف تختصان بالمقام و تفتقر ان إلى فعلهما عند البيت و لا خلاف أنهما تصحان في غير مكة بين أقطار الارض كما سنوضحه قريبا في موضعه ان شاء الله تعالى و لكن مراد المصنف بافتقارهما إلى البيت أنه لا تصح صلاتهما الا إلى البيت حيث كان المصلى ( أما ) الاحكام ففى الفصل ثلاث مسائل ( إحداها ) يشترط لصحة الطواف الطهارة من الحدث و النجس في الثوب و البدن و المكان الذي يطوه في طوافه فان كان محدثا أو مباشرا لنجاسة معفو عنها لم يصح طوافه قال الرافعي و المراد للائمة تشبيه مكان الطواف بالطريق في حق المتنفل و هو تشبيه لا بأس به هذا كلامه ( قلت ) و الذي أطلقه الاصحاب انه لو لاقى النجاسة ببدنه أو ثوبه أو مشى عليها عمدا أو سهوا لم يصح طوافه و مما عمت به البلوى غلبة النجاسة في موضع الطواف من جهة الطير و غيره و قد اختار جماعة من أصحابنا المتأخرين المحققين المطلعين العفو عنها و ينبغي أن يقال يعفى عما يشق الاحتراز عنه من ذلك كما عفي عن دم القمل و البراغيث و البق و و نيم الذباب و هو روثه و كما عفي عن أثر الاستنجاء بالاحجار و كما عفي عن القليل من طين الشوارع الذي تيقنا نجاسته و كما عفي عن النجاسة التي لا يدركها الطرف في الماء و الثوب على الاصح و نظائر ما ذكرته كثيرة مشهورة و قد سبق بيانها واضحة في مواضعها و قد سئل الشيخ أبو زيد المروزي عن مسألة من نحو هذا فقال بالعفو ثم قال الامر إذا ضاق اتسع كانه يستمد من قول الله تعالى ( و ما جعل عليكم في الدين من حرج ) و لان محل الطواف في زمن النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه رضي الله عنهم و من بعدهم من سلف الامة و خلفها لم يزل على هذا الحال و لم يمتنع أحد من المطاف لذلك و لا ألزم النبي صلى الله عليه و سلم و لا أحد بعده ممن يقتدى به بتطهير الطواف عن ذلك