فرع في صحة طواف الزاحف مع قدرته على المشى وبيان أنه مكروه
فرع في مذاهب العلماء في طواف الراكب والماشي وبيان أيهما أفضل
الافضل أن يطوف ماشيا و لا يركب الا لعذر مرض أو نحوه أو كان ممن يحتاج الناس إلى ظهوره ليستفتى و يقتدى بفعله فان طاف راكبا بلا عذر جاز بلا كراهة لكنه خالف الاولى كذا قاله جمهور أصحابنا و كذا نقله الرافعي عن الاصحاب و قال إمام الحرمين في القلب من إدخال البهيمة التي لا يؤمن تلويثها المسجد شيء فان أمكن الاستيثاق فذلك و الا فادخالها المسجد مكروه هذا كلام الرافعي و جزم جماعة من أصحابنا بكراهة الطواف راكبا من عذر منهم البندنيجي و الماوردي في الحاوي و القاضي أبو الطيب و العبد ردي و المشهور الاول قال البندنيجي و غيره و المرأة و الرجل في الركوب سواء فيما ذكرناه قال الماوردي و حكم طواف المحمول على أكتاف الرجال كالراكب فيما ذكرناه قال و إذا كان معذورا فطوافه محمولا أولى منه راكبا صيانة للمسجد من الدابة ( قال ) و ركوب الابل أيسر حالا من ركوب البغال و الحمير ( فرع ) قد ذكرنا مذهبنا في طواف الراكب و نقل الماوردي إجماع العلماء على أن طواف الماشي أولى من طواف الراكب فلو طاف راكبا لعذر أو غيره صح طوافه و لا دم عليه عندنا في الحالين و هذا هو الصحيح من مذهب أحمد و به قال داود و ابن المنذر و قال مالك و أبو حنيفة ان طاف راكبا لعذر أجزأه و لا شيء عليه و ان طاف راكبا لغير عذر فعليه دم قال أبو حنيفة و ان كان بمكة أعاد الطواف و احتجا بأنها عبادة تتعلق بالبيت فلا يجزئ فعلها على الراحلة كالصلاة و احتج أصحابنا بالاحاديث السابقة قالوا ( إنما طاف النبي صلى الله عليه و سلم راكبا لشكوى عرضت له ) كذا رواه أبو داود في سننه باسناده عن ابن عباس ( و الجواب ) أن الاحاديث الصحيحة الثابتة من رواية جابر و عائشة مصرحة بأن طوافه صلى الله عليه و سلم راكبا لم يكن لمرض بل كان ليراه الناس و يسألوه و لا يزاحموا عليه كما سبق ذكره ( و أما ) حديث ابن عباس هذا فضعيف لانه من رواية يزيد بن أبي زياد و هو ضعيف قال البيهقي و هذه الرواية تفرد به يزيد هذا ( و أما ) قياسهم على الصلاة ففاسد لان الصلاة لا تصح راكبا إذا كانت فريضة و قد سلموا صحة الطواف و لكن ادعوا وجوب الدم و لا دليل لهم في ذلك و الله أعلم ( فرع ) لو طاف زحفا مع قدرته على المشي فطوافه صحيح لكن يكره و ممن صرح بصحته القاضي أبو الطيب في تعليقه في أثناء دلائل مسألة طواف الراكب فقال طوافه زحفا كطوافه ماشيا منتصبا لا فرق بينهما قال المصنف رحمه الله