شرح هذا الفصل وبيان اسانيد حديثه والفاظه واحكامه مفصلة وبيان ما اشتمل عليه من المسائل المتنوعة
نذر بدنة و هو واجد البدنة ففيه وجهان ( أحدهما ) أنه مخير بين البدنة و البقرة و السبع من الغنم لان كل واحد من الثلاثة قائم مقام الاخر و الثاني أنه لا يجزئه البدنة لانه عينها بالنذر و ان كان عادما للبدنة انتقل إلى البقرة فان لم يجد بقرة انتقل إلى سبع من الغنم و من أصحابنا من قال لا يجزئه البدنة فان لم يجد ثبتت في ذمته إلى أن يجد لانه التزم ذلك بالنذر و المذهب الاول لانه فرض له بدل فانتقل عند العجز إلى بدله كالوضوء و إن نذر الهدى للحرم لزمه في الحرم و ان نذر لبلد آخر لزمه في البلد الذي سماه لما روى عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده ( ان إمرأة أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت يا رسول الله أنى نذرت ان أذبح بمكان كذا و كذا مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية قال لصنم قالت لا قال لوثن قالت لا قال أوفي بنذرك ) فان نذر لافضل بلد لزمه بمكة لانها أفضل البلاد و الدليل عليه ما روى جابر رضى الله عنه قال ( قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في حجته أي بلد أعظم حرمة قالوا بلدنا هذا فقال النبي صلى الله عليه و سلم ان دمائكم و أموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ) و لان مسجدها أفضل المساجد فدل على أنها أفضل البلاد و ان أطلق النذر ففيه وجهان ( أحدهما ) يجوز حيث شاء لان الاسم يقع عليه ( و الثاني ) لا يجوز الا في الحرم لان الهدى المعهود في الشرع هو الهدى في الحرم و الدليل عليه قوله تعالى ( هديا بالغ ) الكعبة و قال تعالى ( ثم محلها إلى البيت العتيق ) فحمل مطلق النذر عليه فان كان قد نذر الهدى لرتاج الكعبة أو عمارة مسجد لزمه صرفه فيما نذر فان أطلق ففيه وجهان ( أحدهما ) ان له ان يصرفه فيما شاء من وجوه القرب في ذلك البلد الذي نذر الهدى فيه لان الاسم يقع عليه ( و الثاني ) أنه يفرقه على مساكين البلد الذي نذر ان يهدى اليه لان الهدى المعهود في الشرع ما يفرق على المساكين فحمل مطلق النذر عليه و ان كان ما نذره مما لا يمكن نقله كالدار باعه و نقل ثمنه إلى حيث نذر و ان نذر النحر في الحرم ففيه وجهان ( أحدهما ) يلزمه النحر دون التفرقة لانه نذر أحد مقصودي الهدى فلم يلزمه الاخر كما لو نذر التفرقة ( و الثاني ) يلزمه النحر و التفرقة و هو الصحيح لان نحر الهدي في الحرم في عرف الشرع ما يتبعه التفرقة فحمل مطلق النذر عليه و ان نذر النحر في بلد الحرم ففيه وجهان ( أحدهما ) لا يصح لان النحر في الحرم ليس بقربة فلم يلزمه بالنذر ( و الثاني ) يلزم النحر و التفرقة لان النحر على وجه القربة لا يكون الا للتفرقة فإذا نذر النحر تضمن التفرقة ( الشرح ) حديث ( من راح في الساعة الاولى ) رواه البخاري و مسلم من رواية أبي هريرة