تداخل المسببات وعدمه
تداخل المسببين خلاف الاصل فيكون مقتضى القاعدة حينئذ عدم التداخل و وجوب الاتيان بالجزاء مرتين فانقدح من جميع ما ذكرناه ان ظهور القضيه الشرطية يقتضى عدم التداخل الا في ما إذا كان متعلق الجزاء قابل للتعدد و لا للتقيد كما في وجوب القتل لغير حق الناس و فيما إذا كان الشرط بنفسه قابل للتعدد كما في سببية الافطار في شهر رمضان لوجوب الكفارة فان افراد المفطرات و ان كانت كثيرة إلا أن الوجود الاول منها لا يتصف بكونه مفطرا ( 1 ) فلا محالة يكون الوجود الاول هو الموجب للكفارة دون غيره و كما في الحدث الموجب لوجوب الوضوء فان محققاته و ان كانت كثيرة إلا أنه لا معنى لحدوث الحدث بعد تحققه فيكون أول الوجود منها هو الموجب للحدث دون غيره ففى أمثال ذلك لا مناص عن القول بالتداخل ( و اما المقام الثاني ) اعنى به تداخل المسببات فالقاعدة فيه تقتضي عدم التداخل ما لم يدل دليل على التداخل و ذلك لان الاصل عدم سقوط الواجبات المتعددة بفعل واحد و لو كان ذلك بقصد إمتثال الجميع في ما دل الدليل على سقوطها به كما هو الحال في سقوط اغسال متعددة بغسل الجنابة أو بغسل واحد نوى به سقوط الجميع و كما في ارتفاع افراد الحدث الاصغر بوضوء واحد بناء على تعدده وجودا عند تعدد أسبابه فانه لا اشكال في ارتفاعه بتمام افراده حينئذ بوضوء واحد و لو لم يقصد به ارتفاع جميعها المتحققة فعلا تعم لو نوى المتوضئ ارتفاع بعض افراد الحدث و عدم ارتفاع بعضها الاخر أمكن القول بصحة الوضوء و لغوية نية العدم بالاضافة إلى البعض لان ارتفاع البعض يستلزم ارتفاع الجميع قهرا كما يمكن القول ببطلانه ( 2 ) و عدم ارتفاع الحدث بشيء من افراده لان نية ارتفاع البعض و نية عدم ارتفاع البعض الاخر مع ثبوت الملازمة بينهما نيتان متنافيتان لا يمكن اجتماعهما في زمان واحد فيرجع ذلك إلى وقوع الوضوء1 - هذا انما يتم فيما إذا كان وجوب الكفارة مترتبا على تحقق عنوان المفطر بالفعل و اما إذا كان مترتبا على ارتكاب ذات المفطر كالجماع و الاكل و الشرب و نحوها فيجرى فيه الكلام المتقدم عند الشك في تداخل الاسباب أو المسببات حرفا بحرف .2 - الظاهر ان الصحيح من الوجهين انما هو الوجه الاول لان نية ارتفاع بعض الاحداث و نية عدم ارتفاع بعضها الاخر و ان كانتا متنافيتين الا ان تنافيهما لا يضر بصحة الوضوء اذ لا يعتبر فيها الا نية نفس الوضوء و قصد التقرب به و امانية رفع الحدث فهي معتبرة فيها فلا تكون تنافي النيتين المزبورتين موجبا لفساده