(المقام الخامس) [عدم اعتبار أزيد من تعيينالفعل و قصد القربة في النية]
صرح جملة من أصحابنا بوجوب اشتمال النية-سيما في الطهارة و الصلاة- على جملة منالقيود، و اختلفوا فيها كمية و كيفية، واستدلوا على ذلك بوجوه عقلية و اعتباراتغير مرضية لا تصلح لتأسيس الأحكامالشرعية، قد نقلها جماعة من متأخريالمتأخرين في كتبهم الاستدلالية و أجابواعنها، و لا حاجة بنا إلى الإطالة بنقلها ونقل أجوبتها، فإنا قد التزمنا في هذاالكتاب ان لا نطول البحث غالبا إلا فيماأغفلوا تحقيقه و لم يلجوا مضيقة. و قصارى ما يستفاد من الأدلة الشرعية ممايتعلق بأمر النية هو قصد القربة كما تقدمتحقيقه، و لولاه لكان الأولى الاعراض عنالبحث في ذلك من باب «اسكتوا عما سكتاللَّه عنه» «و أبهموا ما أبهم اللَّه». نعم لو كان الفعل المقصود غير متعين فيالواقع فلا بد في تعلق قصد المكلف به الىإصداره من قيد يشخصه لينصرف القصد اليه،لما عرفت سابقا من انه لا تميز بين افرادالماهية عند القصد إلى إيجاد بعضها إلابقصده، كما لو اشتغلت ذمة المكلف بفائتالظهر مثلا، فبعد دخول وقت الظهر- بناء علىالقول بالمواسعة المحضة في القضاء- لايتعين ما يأتي به منها إلا بالقصد اليهبخصوصه، فلا بد في هذه الصورة من تعيينالأداء ان قصده و القضاء كذلك. و ما عدا ذلك فلا يجب فيه التعيين، لتعينهواقعا و ان لم يتعين في نظر المكلف أيضا،كما لو قصد إيقاع غسل الجمعة مع تعارضالاخبار عنده في الوجوب و الاستحباب و عدمطريق إلى العلم بذلك، فإنه لا يتعين عليهقصد أحدهما، للزوم التكليف بما لا يطاق،بل و لو امكنه العلم بذلك أيضا لعدم الدليلعليه و أصالة عدمه، بل متى علم