بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
و ستمأة ببالس ( 1 ) ، و سمع من أصحاب ابن طبرزد ، و كان شيخا جليلا بشوش الوجه حسن السمت ، مقصدا لكل أحد كثير ، الوقار عليه سيما العبادة و الخير ، و كان يوم قازان في جملة من كان مع الشيخ تقي الدين بن تيمية لما تكلم مع قازان ، فحكى عن كلام شيخ الاسلام تقي الدين لقازان و شجاعته و جرأته عليه ، و أنه قال لترجمانه قل للقان : أنت تزعم أنك مسلم و معك مؤذنون و قاض و إمام و شيخ على ما بلغنا فغزوتنا و بلغت بلادنا على ماذا ؟ و أبوك وجدك هلاكو كانا كافرين و ما غزوا بلاد الاسلام ، بل عاهدوا قومنا ، و أنت عاهدت فغدرت و قلت فما وفيت .قال : و جرت له مع قازان و قطلوشاه و بولاي أمور و نوب ، قام ابن تيمية فيها كلها لله ، و قال الحق و لم يخش إلا الله عز و جل .قال و قرب إلى الجماعة طعاما فأكلوا منه إلا ابن تيمية فقيل له ألا تأكل ؟ فقال : كيف آكل من طعامكم وكله مما نهبتم من أغنام الناس و طبختموه بما قطعتم من أشجار الناس ، قال : ثم إن قازان طلب منه الدعاء فقال في دعائه " أللهم إن كان هذا عبدك محمود إنما يقاتل لتكون كلمتك هي العليا و ليكون الدين كله لك فانصره و أيده و ملكه البلاد و العباد ، و إن كان إنما قام رياء و سمعة و طلبا للدنيا و لتكون كلمته هي العليا و ليذل الاسلام و أهله فأخذ له و زلزله و دمره و أقطع دبره " قال : و قازان يؤمن على دعائه ، و يرفع يديه .قال : فجعلنا نجمع ثيابنا خوفا من أن تتلوث بدمه إذا أمر بقتله .قال : فلما خرجنا من عنده قال له قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى و غيره : كدت أن تهلكنا و تهلك نفسك ، و الله لا نصحبك من هنا ، فقال : و أنا و الله لا أصحبكم .قال : فانطلقنا عصبة و تأخر هو في خاصة نفسه و معه جماعة من أصحابه ، فتسامعت به الخواقين و الامراء من أصحاب قازان فأتوه يتبركون بدعائه ، و هو سائر إلى دمشق ، و ينظرون إليه ، قال و الله ما وصل إلى دمشق إلا في نحو ثلاثمائة فارس في ركابه ، و كنت أنا من جملة من كان معه ، و أما أولئك الذي أبوا أن يصحبوه فخرج عليهم جماعه من التتر فشلحوهم عن آخرهم ، هذا كلام أو نحوه ، و قد سمعت هذه الحكاية من جماعة غيره ، و قد تقدم ذلك .توفي الشيخ محمد بن قوام ليلة الاثنين الثاني و العشرين من صفر بالزاوية المعروفة بهم غربي الصالحية والناصرية و العادلية ، وصلي عليه بها و دفن بها و حضر جنازته و دفنه خلق كثير وجم غفير ، و كان من جملة الجمع الشيخ تقي بن تيمية ، لانه كان يحبه كثيرا ، و لم يكن للشيخ محمد مرتب على الدولة و لا غيرهم ، و لا لزاويته مرتب و لا وقف ، و قد عرض عليه ذلك مرة فلم يقبل ، و كان يزار ، و كان لديه علم و فضائل جمة ، و كان فهمه صحيحا ، و كانت له معرفة تامة ، و كان حسن العقيدة و طويته صحيحة محبا للحديث و أثار السلف ، كثير التلاوة و الجمعية على الله عز و جل ، و قد صنف جزءا فيه أخبار جيدة ، رحمه الله وبل ثراه بوابل الرحمة آمين .