أنه قلد حسبة دمشق عوضا عن ابيه ، نزل له عنها باختياره لكبره و ضعفه ، و خلع عليه بالديار المصرية ، و لم يبق إلا أن يركب على البريد فتمرض يوما و ثانيا و توفي إلى رحمة الله تعالى ، فتألم والده بسبب ذلك تألما عظيما ، و عزاه الناس فيه ، و وجدته صابرا محتسبا باكيا مسترجعا موجعا انتهى .بشارة عظيمة بوضع الشطر من مكس الغنم مع ولاية سعد الدين ماجد بن التاج إسحاق من الديار المصرية على نظر الدواوين قبله ، ففرح الناس بولاية هذا و قدومه ، و بعزل الاول و انصرافه عن البلد فرحا شديدا ، و معه مرسوم شريف بوضع نصف مكس الغنم ، و كان عبرته أربعة دراهم و نصف ، فصار إلى درهمين و ربع درهم ، و قد نودي بذلك في البلد يوم الاثنين العشرين من شهر ربيع الآخر ، ففرح الناس بذلك فرحا شديدا ، و لله الحمد و المنة ، و تضاعفت أدعيتهم لمن كان السبب في ذلك ، و ذلك أنه يكثر الجلب برخص اللحم على الناس ، و يأخذ الديوان نظير ما كان يأخذ قبل ذلك ، و قدر الله تعالى قدوم وفود و قفول بتجائر متعددة ، و أخذ منها الديوان السلطاني في الزكاة و الوكالة ، و قد مراكب كثيرة فأخذ منها في العشر أضعاف ما أطلق من المكس ، و لله الحمد و المنة .ثم قرئ على الناس في يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة قبل العصر .و في يوم الاثنين العشرين منه ضرب الفقية شمس الدين بن الصفدي بدار السعادة بسبب خانقاه الطواويس ، فإنه جاء في جماعة منهم يتظلمون من كاتب السر الذي هو شيخ الشيوخ ، و قد تكلم معهم فيما يتعلق بشرط الواقف مما فيه مشقة عليهم ، فتكلم الصفدي المذكور بكلام فيه غلظ ، فبطح ليضرب فشفع فيه ، ثم تكلم فشفع فيه ، ثم بطح الثالثة فضرب ثم أمر به إلى السجن ، ثم أخرج بعد ليلتين أو ثلاثة .و في صبيحة يوم الاحد السادس و العشرين منه درس قاضي القضاة الشافعي بمدارسه ، و حضر درس الناصرية الجوانية بمقتضى شرط الواقف الذي أثبته أخوه بعد موت القاضي ناصر الدين كاتب السر ، و حضر عنده جماعة من الاعيان و بعض القضاة ، و أخذ في سورة الفتح ، قرئ عليه من تفسير والده في قوله ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) ] سورة الفتح : 1 [ .و في مستهل جمادى الاولى يوم الجمعة بعد صلاة الفجر مع الامام الكبير صلي على القاضي قطب الدين محمد بن الحسن الحاكم بحمص ، جاء إلى دمشق لتلقي أخي زوجته قاضي القضاة تاج الدين السبكي الشافعي ، فتمرض من مدة ثم كانت وفاته بدمشق ، فصلي عليه بالجامع كما ذكرنا ، و خارج باب الفرج ، ثم صعدوا به إلى سفح جبل قاسيون ، و قد جاوز الثمانين بسنتين ، و قد حدث و روى شيئا يسيرا رحمه الله .