ضوء و نور ، و دفن بالروضة إلى جانب قبر السيف ابن المجد رحمهما الله تعالى ، و كان مولده في رجب سنة خمس و سبعمأة فلم يبلغ الاربعين ، و حصل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ الكبار ، و تفنن في الحديث و النحو و التصريف و الفقه و التفسير و الاصلين و التاريخ و القراءات و له مجاميع و تعاليق مفيدة كثيرة ، و كان حافظا جيدا لاسماء الرجال ، و طرق الحديث ، عارفا بالجرح و التعديل ، بصيرا بعلل الحديث ، حسن الفهم له ، جيد المذاكرة صحيح الذهن مستقيما على طريقة السلف ، و اتباع الكتاب و السنة ، مثابرا على فعل الخيرات .و في يوم الثلاثاء سلخه درس بمحراب الحنابلة صاحبنا الشيخ الامام العلامة شرف الدين بن القاضي شرف الدين الحنبلي في حلقة الثلاثاء عوضا عن القاضي تقي الدين ابن الحافظ رحمه الله ، و حضر عنده القضاء و الفضلاء ، و كان درسا حسنا أخذ في قوله تعالى ( إن الله يأمر بالعد و الاحسان ) ] النحل : 90 [ و خرج إلى مسألة تفضيل بعض الاولاد .و في يوم الخميس ثاني شهر جمادى الاولى خرجت التجريدة إلى الكرك مقدمان من الامراء ، و هما الامير شهاب الدين بن صبح ، و الامير سيف الدين قلاوون ، في أبهة عظيمة و تجمل و جيوش و بقارات ، و إزعاج كثيرة .و في صبيحة يوم الاثنين الحادي و العشرين منه قتل بسوق الخيل حسن بن الشيخ السكاكيني على ما ظهر منه من الرفض الدال على الكفر المحض ، شهد عليه عند القاضي شرف الدين المالكي بشهادات كثيرة تدل على كفره ، و أنه رافضي جلد ، فمن ذلك تكفير الشيخين رضي الله عنهما ، و قذفه أمي المؤمين عائشة و حفصة رضي الله عنهما ، و زعم أن جبريل غلط فأوحى إلى محمد ، و إنما كان مرسلا إلى علي ، و غير ذلك من الاقوال الباطلة القبيحة قبحه الله ، و قد فعل .و كان والده الشيخ محمد السكاكيني يعرف مذهب الرافضة الشيعة جيدا ، و كانت له أسئلة على مذهب أهل الخير ، و نظم في ذلك قصيدة أجابه فيها شيخنا الامام العلامة شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ، و ذكر واحد من أصحاب الشيخ أن السكاكيني ما مات حتى رجع عن مذهبه ، و صار إلى قول أهل السنة فالله أعلم .و أخبرت أن ولده حسنا هذا القبيح كان قد أراد قتل أبيه لما أظهر السنة .و في ليلة الاثنين خامس شهر رجب وصل بدن الامير سيف الدين تنكز نائب الشام كان إلى تربته التي إلى جانب جامعه الذي أنشأه ظاهر باب النصر بدمشق ، نقل من الاسكندرية بعد ثلاث سنين و نصف أو أكثر ، بشفاعة ابنته زوجة الناصر عند ولده السلطان الملك الصالح ، فأذن في ذلك و أرادوا أن يدفن بمدرسته بالقدس الشريف ، فلم يمكن ، فجئ به إلى تربته بدمشق و عملت له الختم و حضر القضاة و الاعيان رحمه الله .و في يوم الثلاثاء حادي عشر شعبان المبارك توفي صاحبنا الامير صلاح الدين يوسف التكريتي ابن أخي الصاحب تقي الدين بن توبة الوزير ، بمنزله بالقصاعين ، و كان شابا من أبناء الاربعين ،