عجيبة من عجائب البحر
الدواوين و هنأهم الناس ، و حضر نائب السلطنة و الاعيان المقصورة لسماع الخطبة ، و قرئ تقليد ابن صصرى بعد الصلاة ثم جلس في الشباك الكمالي و قرئ تقليده مرة ثانية ، و في جمادى الاولى وقع بيد نائب السلطنة كتاب مزور فيه أن الشيخ تقي الدين بن تيمية و القاضي شمس الدين بن الحريري و جماعة من الامراء و الخواص الذين بباب السلطنة يناصحون التتر و يكاتبوهم ، و يريدون تولية قبجق على الشام و أن الشيخ كمال الدين بن الزملكاني يعلمهم بأحوال الامير جمال الدين الافرم ، و كذلك كمال الدين بن العطار ، فلما وقف عليه نائب السلطنة عرف أن هذا مفتعل ، ففحص عن واضعه فإذا هو فقير كان مجاورا بالبيت الذي كان مجاور محراب الصحابة ، يقال له اليعفوري ، و آخر معه يقال له أحمد الغناري ، و كانا معروفين بالشر و الفضول ، و وجد معهما مسودة هذا الكتاب ، فتحقق نائب السلطنة ذلك فعزرا تعزيرا عنيفا ، ثم وسطا بعد ذلك و قطعت يد الكاتب الذي كتب لهما هذا الكتاب ، و هو التاج المناديلي .و في أواخر جمادى الاولى انتقل الامير سيف الدين بلبان الجوكندار المنصوري إلى نيابة القلعة عوضا عن أرجواش .عجيبة من عجائب البحر قال الشيخ علم الدين البرزالي في تأريخه : قرأت في بعض الكتب الواردة من القاهرة أنه لما كان بتاريخ يوم الخميس رابع جمادى الآخرة ظهرت دابة من البحر عجيبة الخلقة من بحر النيل إلى أرض المنوفية ، بين بلاد منية مسعود و اصطباري و الراهب ، و هذه صفتها : لونها لون الجاموس بلا شعر ، و أذناها كأذن الجمل ( 1 ) ، و عيناها و فرجها مثل الناقة ، يغطي فرجها ذنب طوله شبر و نصف ] طرفه [ ( 2 ) كذنب السمكة ، و رقبتها مثل غلظ ] التليس [ ( 3 ) المحشو تبنا ، و فمها و شفتاها مثل الكربال ( 4 ) ، و لها أربعة أنياب اثنان من فوق و اثنان من أسفل ، طول كل واحد دون الشبر في عرض أصبعين ، و في فمها ثمان و أربعون ضرسا وسن مثل بيادق الشطرنج ، و طول يديها من باطنها إلى الارض شبران و نصف و من ركبتها إلى حافرها مثل بطن الثعبان ، أصفر مجعد ، و دور حافرها مثل السكرجة بأربعة أظافير مثل أظافير الجمل ، و عرض ظهرها مقدار ذراعين و نصف ، و طولها من فمها إلى ذنبها خمسة عشر قدما و في بطنها ثلاثة كروش ، و لحمها أحمر و زفر مثل السمك ، و طعمه كلحم الجمل ، و غلظة أربعة أصابع ما تعمل فيه السيوف ، و حمل جلدها على خمسة جمال في مقدار ساعة من ثقله على جمل و أحضروه إلى بين يدي السلطان بالقلعة و حشوه تبنا و أقاموه بين يديه و الله أعلم .1 - من السلوك 1 / 929 و في الاصل : و آذانها كآذان الجمل .2 - من السلوك .3 - من السلوك ، و في الاصل : التنين ، تصحيف .و التليس معناه هنا الكيس الذي يستعمل لتعبئة الغلال و الاتبان ، و يقال له تليسة أيضا ، و في محيط المحيط : التليس هي الخصية .4 - الكربال : مندف القطن ، و ما تكربل به الحنطة أيضا ( محيط المحيط ) .