ثم دخلت سنة ست و عشرين و سبعمائة
القاضي محيي الدين
الدكاكين بذلك ، و شددوا في أمرهم أياما .و في ربيع الاول ولي الشيخ علاء الدين المقدسي معيد البادرانية مشيخة الصلاحية بالقدس الشريف ، و سافر إليها .و في جمادى الآخرة عزل قرطاي عن ولاية طرابلس و وليها طينال و أقر قرطاي على خبز القرماني بدمشق بحكم سجن القرماني بقلعة دمشق .قال البرزالي : و في يوم الاثنين عند العصر سادس عشر شعبان اعتقل الشيخ الامام العالم العلامة تقي الدين بن تيمية بقلعة دمشق ، حضر إليه من جهة نائب السلطنة تنكز مشدا الاوقاف و ابن الخطيري أحد الحجاب بدمشق ، و أخبراه أن مرسوم السلطان ورد بذلك ، و أحضرا معهما مركوبا ليركبه ، و أظهر السرور و الفرح بذلك ، و قال أنا كنت منتظرا لذلك ، و هذا فيه خير كثير و مصلحة كبيرة ، و ركبوا جميعا من داره إلى باب القلعة ، و أخليت له قاعة و أجري إليها الماء و رسم له بالاقامة فيها ، و أقام معه أخوه زين الدين يخدمه بإذن السلطان ، و رسم له ما يقوم بكفايته .قال البرزالي : و في يوم الجمعة عاشر الشهر المذكور قرئ بجامع دمشق الكتاب السلطاني الوارد باعتقاله و منه من الفتيا ، و هذه الواقعة سببها فتيا وجدت بخطه في السفر و إعمال المطي إلى زيارة قبور الانبياء عليهم الصلاة و السلام ، و قبور الصالحين .و قال : و في يوم الاربعاء منتصف شعبان أمر قاضي القضاة الشافعي في حبس جماعة من أصحاب الشيخ تقي الدين في سجن الحكم ، و ذلك بمرسوم نائب السلطنة و إذنه له فيه ، فما تقتضيه الشريعة في أمرهم ، و عزر ( 1 ) جماعة منهم على دواب و نودي عليهم ثم أطلقوا ، سوى شمس الدين محمد بن قيم الجوزية فإنه حبس بالقلعة ، و سكتت القضيه .قال و في أول رمضان وصلت الاخبار إلى دمشق أنه أجريت عين ماء إلى مكة شرفها الله و انتفع الناس بها انتفاعا عظيما ، و هذه العين تعرف قديما بعين باذان ، أجراها جوبان من بلاد بعيدة حتى دخلت إلى نفس مكة ، و وصلت إلى عند الصفا و باب إبراهيم ، و استقى الناس منها فقيرهم و غنيهم و ضعيفهم و شريفهم ، كلهم فيها سواء ، و ارتفق أهل مكة بذلك رفقا كثيرا و لله الحمد و المنة .و كانوا قد شرعوا في حفرها و تجديدها في أوائل هذه السنة إلى العشر الاخر من جمادى الاولى ، و اتفق أن في هذه السنة كانت الآبار التي بمكة قد يبست و قل ماؤها ، و قل ماء زمزم أيضا ، فلو لا أن الله تعالى لطف بالناس بإجراء هذه القناة لنزح عن مكة أهلها ، أو هلك كثير مما يقيم بها .و أما الحجيج في أيام الموسم فحصل لهم بها رفق عظيم زائد عن الوصف ، كما شاهدنا ذلك في سنة إحدى و ثلاثين عام حججنا .و جاء كتاب السلطان إلى نائبه بمكة بإخراج الزيديين من المسجد الحرام ، و أن لا يكون لهم فيه إمام و لا مجتمع ، ففعل ذلك .1 - عزر ، أدب ، و التعزير : التأديب ، و تعزير المذنب تأديبه على ذنب ارتكبه ، لم تشرع فيه الحدود بعقوبة ثابتة ، و لذا تختلف العقوبة فيه بحسب المذنب و الذنب المرتكب ( أنظر الماوردي : الاحكام السلطانية ص 224 و ما بعدها ) .