ثم دخلت سنة ثلاث و خمسين و سبعمائة
الملك الناصر حسن بن الناصر بن قلاوون لاختلاف الامراء عليه ، و اجتماعهم على أخيه الملك الصالح ( 1 ) ، و أمه صالحة بنت ملك الامراء تنكز الذي كان نائب الشام مدة طويلة ، و هو ابن أربع عشرة سنة ، و جاءت الامراء للحلف ، فدقت البشائر وزين البلد على العادة ، و قيل إن الملك الناصر حسن خنق و رجعت الامراء الذين كانوا بإسكندرية مثل شيخون و منجك و غيرهما ، و أرسلوا إلى يلبغا ( 2 ) فجئ به من الكرك ، و كان مسجونا بها من مرجعه من الحج ، فلما عاد إلى الديار المصرية شفع في صاحب اليمن الملك المجاهد الذي كان مسجونا في الكرك فأخرج و عاد إلى الديار الحجازية ( 3 ) .و أما الامراء الذين كانوا من ناحية السلطان حين مسك معارضة أمير أخور و ميكلي بغا الفخري و غيرهما ، فاحتيط عليهم و أرسلوا إلى الاسكندرية ، و خطب للملك الصالح بجامع دمشق يوم الجمعة السابع عشر من شهر رجب و حضر نائب السلطنة و الامراء و القضاة للدعاء له بالمقصورة على العادة .و في أثناء العشر الاخير من رجب عزل نائب السلطنة سيف الدين أ يتمش عن دمشق مطلوبا إلى الديار المصرية فسار إليها يوم الخميس .و في يوم الاثنين حادي عشر شعبان قدم الامير سيف الدين أرغون الكاملي الذي كان نائبا على الديار الحلبية من هناك ، فدخل دمشق في هذا اليوم في أبهة عظيمة ، و خرج الامراء و المقدمون و أرباب الوظائف لتلقيه إلى أثناء الطريق ، منهم من وصل إلى حلب و حماة و حمص ، و جرى في هذا اليوم عجائب لم تر من دهور ، و استبشر الناس به لصرامته و شهامته وحدته ، و ما كان من لين الذي قبله و رخاوته ، فنزل دار السعاده على العادة .و في يوم السبت وقف في موكب هائل قيل إنه لم ير مثله من مدة طويلة ، و لما سير إلى ناحية باب الفرج اشتكى إليه ثلاث نسوه على أمير كبير يقال له الطرخاين ، فأمر بانزاله عن فرسه فأنزل و أوقف معهن في الحكومة ، و استمر بطلان الوقيد في الجامع الاموي في هذا العام أيضا كالذي قبله ، حسب مرسوم السلطان الناصر حسن رحمه الله ، ففرح أهل الخير بذلك فرحا شديدا ، و هذا شيء1 - و كان ذلك يوم الاثنين الثامن و العشرين جمادى الاخرة كما عند المقريزي في السلوك 2 / 843 والنجوم الزاهرة 10 / 254 : و في بدائع الزهور 1 / 1 / 538 : يوم الاثنين الثامن عشر جمادى الاخرة .و علل المقريزي سبب خلعه أنه اتفق مع مماليكه على الامساك ببعض الامراء و سجنهم كما سبق له أن أمسك غيرهم فقاموا - و هم الامير طاز المنصوري و بيبغا الشمسي و بسغرا الناصري و الامير منكلي بغا الفخري - و توجهوا إلى قبة النصر و طلعوا إليه و عزلوه .2 - في السلوك : بيبغا ، فلما أحضر من الكرك أخلع عليه و قرره نائب حلب ( بدائع الزهور 1 / 539 ) .3 - في السلوك 2 / 838 و 839 قال إن الملك الناصر حسن خلع على المجاهد في تاسع عشرين محرم و اذن له أن يتجهز للسفر و في يوم السبت الثامن عشر من صفر برز الملك المجاهد بثقله إلى الريدانية ليسافر إلى بلاده ، و رحل منها في الثالث و العشرين من صفر .ثم أعيد من ينبغ و اعتقل ثانيا و حبس في الكرك و كان ذلك يوم الثلاثاء رابع ربيع الآخر - و في يوم السبت شعبان وصل إلى مصر فخلع عليه و من الغد رسم له بالعود إلى بلاده عن طريق عيذاب ( السلوك 2 / 852 و بدائع الزهور 1 / 537 )