كائنة غريبة جدا
و في يوم الجمعة خامس الشهر بعد الصلاة خرج نائب السلطنة الامير علاء الدين الطنبغا و جميع الجيش قاصدين للبلاد الحلبية للقبض على نائب حلب الامير سيف الدين طشتمر ، لاجل ما أظهر من القيام مع ابن السلطان الامير أحمد الذي في الكرك ، و خرج الناس في يوم شديد المطر كثير الوحل ، و كان يوما مشهودا عصيبا ، أحسن الله العاقبة .و أمر القاضي تقي الدين السبكي الخطيب المؤذنين بزيادة أذكار على الذي كان سنه فيهم الخطيب بدر الدين من التسبيح و التحميد و التهليل الكثير ثلاثا و ثلاثين ، فزادهم السبكي قبل ذلك : أستغفر الله العظيم ثلاثا ، أللهم أنت السلام و منك السلام تباركت يا ذا الجلال و الاكرام ، ثم أثبت ما في صحيح مسلم بعد صلاتي الصبح و المغرب : أللهم أجرنا من النار سبعا ، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاثا ، و كانوا قبل تلك السنوات قد زادوا بعد التأذين الآية ليلة الجمعة و التسليم على رسول الله صلى الله عليه و آله ، يبتدئ الرئيس منفردا ثم يعيد عليه الجماعة بطريقة حسنة ، و صار ذلك سببا لاجتماع الناس في صحن الجامع لاستماع ذلك ، و كلما كان المبتدئ حسن الصوت كانت الجماعة أكثر اجتماعا ، و لكن طال بسبب ذلك الفصل ، و تأخرت الصلاة عن أول وقتها .انتهى .كائنة غريبة جدا و في ليلة الاحد عشية السبت نزل الامير سيف الدين قط لو بغا الفخري بظاهر دمشق بين الجسورة و ميدان الحصى بالاطلاب الذين جاؤوا معه من البلاد المصرية لمحاصرة الكرك للقبض على ابن السلطان الامير أحمد بن الناصر ، فمكثوا على الثنية محاصرين مضيقين عليه إلى أن توجه نائب الشام إلى حلب ، و مضت هذه الايام المذكورة ، فما درى الناس إلا و قد جاء الفخري و جموعه ، و قد بايعوا الامير أحمد وسموه الناصر بن الناصر ، و خلعوا بيعة أخيه الملك الاشرف علاء الدين كجك ( 1 ) و اعتلوا بصغره ، و ذكروا إن أتابكة الامير سيف الدين قوصون الناصري قد عدى على ابني السلطان فقتلهما خنقا ببلاد الصعيد ( 2 ) : جهز إليهما من تولى ذلك ، و هما الملك المنصور أبو بكر و رمضان ، فتنكر الامير بسبب ذلك ، و قالوا هذا يريد أن يجتاح هذا البيت ليتمكن هو من أخذ المملكة ، فحموا لذلك و بايعوا ابن أستاذهم و جاؤو ؟ في الذهاب خلف الجيش ليكونوا عونا للامير سيف الدين طشتمر نائب حلب و من معه ، و قد كتبوا إلى الامراء يستميلونهم إلى هذا ، و لما نزلوا بظاهر دمشق خرج إليهم من بدمشق من الاكابر و القضاة و المباشرين ، مثل والي البر و و الي المدينة و ابن سمندار و غيرهم ، فلما كان الصباح خرج أهالي دمشق عن بكرة أبيهم ، على عادتهم1 - قال ابن إياس في بدائع الزهور 1 / 491 أن كجك لفظ أعجمي معناه بالعربية : صغير .2 - أنظر تأريخ الشجاعي ص 219 زاد قائلا : و قطعت الرأس و أرسلت إلى قوصون في جمادى الآخرة سنة 742 ه .و كان قد خنقه والي قوص .( أنظر بدائع الزهور 1 / 3 / 489 زاد و قال : و كان ذلك سببا لزوال أمر الاتابكي قوصون و دماره ) .