ثم دخلت سنة ست و ثلاثين و سبعمائة
ثم دخلت سنة ست و ثلاثين و سبعمأة استهلت بيوم الجمعة و الحكام هم المذكورون في التي قبلها .و في أول يوم منها ركب تنكز إلى قلعة جعبر و معه الجيش و المناجنيق فغابوا شهرا و خمسة أيام و عادوا سالمين .و في ثامن صفر فتحت الخانقاه التي أنشأها سيف الدين قوصون الناصري خارج باب القرافة ( 1 ) ، و تولى مشيختها الشيخ شمس الدين الاصبهاني المتكلم .و في عاشر صفر خرج ابن جملة من السجن بالقلعة و جاءت الاخبار بموت ملك التتار أبي سعيد بن خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولى بن جنكزخان ، في يوم الخميس ثاني عشر ربيع الآخر بدار السلطنة بقراباغ ، و هي منزلهم في الشتاء ، ثم نقل إلى تربته بمدينته التي أنشأها قريبا من السلطانية ( 2 ) مدينة أبيه ، و قد كان من خيار ملوك التتار و أحسنهم طريقة و أثبتهم على السنة و أقومهم بها ، و قد عز أهل السنة بزمانه و ذلت الرافضة ، بخلاف دولة أبيه ، ثم من بعده لم يقم للتتار قائمة ، بل اختلفوا فتفرقوا شذر مذر إلى زماننا هذا ، و كان القائم من بعده بالامر ارتكاوون من ذرية أبغا ، و لم يستمر له الامر إلا قليلا ( 3 ) .و في يوم الاربعاء عاشر جمادى الاولى درس بالناصرية الجوانية بدر الدين الاردبيلي عوضا عن كمال الدين بن الشيرازي توفي ، و حضر عنده القضاة .و فيه درس بالظاهرية البرانية الشيخ الامام المقري سيف الدين أبو بكر الحريري عوضا عن بدر الدين الاردبيلي ، تركها لما حصلت له الناصرية الجوانية ، و بعده بيوم درس بالنجيبية كاتبه إسماعيل بن كثير عوضا عن الشيخ جمال الدين ابن قاضي الزبد اني تركها حين تعين له تدريس الظاهرية الجوانية ، و حضر عنده القضاة و الاعيان و كان درسا حافلا أثنى عليه الحاضرون و تعجبوا من جمعه و ترتيبه ، و كان ذلك في تفسير قوله تعالى ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ] فاطر : 28 [ و انساق الكلام إلى مسألة ربا الفضل و في يوم الاحد رابع عشره ذكر الدرس بالظاهرية المذكورة ابن قاضي الزبد اني عوضا عن علاء الدين بن القلانسي توفي ، و حضر عنده القضاة و الاعيان ، و كان يوما مطيرا .و في أول جمادى الآخرة وقع غلاء شديد بديار مصر و اشتد ذلك إلى شهر رمضان ، و توجه خلق كثير في رجب إلى مكة نحوا من ألفين و خمسمأة ، منهم عز الدين بن جماعة ، و فخر الدين النويري و حسن السلامي ، و أبو الفتح السلامي ، و خلق و في رجب كملت عمارة جسر باب الفرج و عمل عليه باشورة ( 4 ) و رسم باستمرار فتحه إلى بعد العشاء الآخرة كبقية سائر الابواب ،1 - و تقع شمال القرافة مما يلي قلعة الجبل تجاه جامع قوصون ( المواعظ و الاعتبار للمقريزي 2 / 325 ) و هي محكمة البناء حسنة العمارة و الترتيب .2 - السلطانية : و هي فنغرلان ، و هي مدينة محدثة بناها خربندا بن ارغون ، و جعلها عاصمة ملكه و هي بالقرب من جبال كيلان ( تقويم البلدان لابي الفداء ص 306 ) .3 - لم يتم له الامر ، فاستمر مدة يسيرة نحو شهرين .4 - في الاصل " باسورة " تحريف .و الباشورة بناء ذو منعطفات أمام كل باب أو خلفه ، يقصد به تعويق هجوم .