ابن دقيق العيد
وجل ، و جعلوا يجيئون بهم في الحبال فتضرب أعناقهم ، ثم اقتحم منهم جماعة الهزيمة فنجا منهم قليل ، ثم كانوا يتساقطون في الاودية و المهالك ، ثم بعد ذلك غرق منهم جماعة في الفرات بسبب الظلام ، و كشف الله بذلك عن المسلمين غمة عظيمة شديدة ، و لله الحمد و المنة .و دخل السلطان إلى دمشق يوم الثلاثاء خامس رمضان و بين يديه الخليفة ، و زينت البلد ، و فرح كل واحد من أهل الجمعة و السبت و الاحد ، فنزل السلطان في القصر الابلق و الميدان ، ثم تحول إلى القلعة سوم الخميس وصلى بها الجمعة و خلع على نواب البلاد و أمرهم بالرجوع إلى بلادهم ، و استقرت الخواطر ، و ذهب اليأس و طابت قلوب الناس ، و عزل السلطان ابن النحاس عن ولاية المدينة و جعل مكانه الامير علاء الدين أيدغدي أمير علم ، و عزل صارم الدين إبراهيم والي الخاص عن ولاية البر و جعل مكانه الامير حسام الدين لاجين الصغير ، ثم عاد السلطان إلى الديار المصرية يوم الثلاثاء ثالث شوال بعد أن صام رمضان وعيد بدمشق .و طلب الصوفية من نائب دمشق الافرم أن يولي عليهم مشيخة الشيوخ للشيخ صفي الدين الهندي ، فأذن له في المباشرة يوم الجمعة سادس شوال عوضا عن ناصر الدين بن عبد السلام ، و دخل السلطان القاهرة يوم الثلاثاء ثالث عشرين شوال ، و كان يوما مشهودا ، و زينت القاهرة .و فيها جاءت زلزلة عظيمة يوم الخميس بكرة الثالث و العشرين من ذي الحجة من هذه السنة ، و كان جمهورها بالديار المصرية ، تلاطمت بسببها البحار فكسرت المراكب و تهدمت الدور و مات خلق كثير لا يعلمهم إلا الله ، و شققت الحيطان و لم ير مثلها في هذه الاعصار ، و كان منها بالشام طائفة لكن كان ذلك أخف من سائر البلاد غيرها .و في ذي الحجة بأشر الشيخ أبو الوليد بن الحاج الاشبيلي المالكي إمام محراب المالكية بجامع دمشق بعد وفاة الشيخ شمس الدين محمد الصنهاجي .و ممن توفي فيها من الاعيان : ابن دقيق العيد ( 1 ) الشيخ الامام العالم العلامة الحافظ قاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد القشيري المصري ، ولد يوم السبت الخامس و العشرين من شعبان سنة خمس و عشرين و ستمأة بساحل مدينة ينبع من أرض الحجاز ، سمع الكثير و رحل في طلب الحديث و خرج و صنف فيه إسنادا و متنا مصنفات عديدة ، فريدة مفيدة ، و انتهت إليه رياسة العلم في زمانه ، وفاق أقرانه و رحل إليه1 - و اسمه محمد بن الشيخ مجد الدين أبي الحسن علي بن وهب بن مطيع القشيري الشافعي ( السلوك 1 / 948 تذكرة النبيه 1 / 254 الطالع السعيد ص 336 شذرات الذهب 6 / 5 الوافي 4 / 193 الدرر الكامنة 4 / 210 ) .