ثم دخلت سنة ثلاث و أربعين و سبعمائة
ولاية الخليفة الحاكم بأمر الله
ثم دخلت سنة إثنتين و اربعين و سبعمائة
للملك المنصور بن الناصر بن المنصور ، و دقت البشائر بالقلعة المنصورة بدمشق صبيحة يوم الخميس الثامن و العشرين منه ، و فرح الناس بالملك الجديد ، و ترحموا على الملك و دسوا له و تأسفوا عليه رحمه الله .ثم دخلت سنة اثنتين و أربعين و سبعمأة استهلت بيوم الاحد و سلطان الاسلام بالديار المصرية و البلاد الشامية و ما والاها الملك المصنور سيف الدين أبو بكر بن الملك السلطان الناصر ناصر الدين محمد بن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي ، و نائب الشام الامير علاء الدين طنبغا و قضاة الشام و مصر هم المذكورون في التي قبلها ، و كذا المباشرون سوى الولاة .شهر الله المحرم : ولاية الخليفة الحاكم بأمر الله و في هذا اليوم بويع بالخلافة أمير المؤمنين أبو القاسم أحمد بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان العباسي و لبس السواد و جلس مع الملك المنصور على سرير المملكة ، و ألبسه خلعة سوداء أيضا ، فجلسا و عليهما السواد ، و خطب الخليفة يومئذ خطبة بليغة فصيحة مشتملة على أشياء من المواعظ و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ( 1 ) ، و خلع يومئذ على جماعة من الامراء و الاعيان ، و كان يوما مشهودا ، و كان أبو القاسم هذا قد عهد إليه أبوه بالخلافة ( 2 ) ، و لكن لم يمكنه الناصر من ذلك ، و ولى أبا إسحاق إبراهيم بن أخي أبي الربيع ، و لقبه الواثق بالله ، و خطب به بالقاهرة جمعة واحدة فعزله المنصور و قرر أبا القاسم هذا ، و أمضى العهد و لقبه المستنصر بالله كما ذكرنا .و في يوم الاحد ثامن المحرم مسك الامير سيف الدين بشتك الناصري آخر النهار ، و كان قد كتب تقليده بنيابة الشام و خلع عليه بذلك و برز ثقله ثم دخل على الملك المنصور ليودعه فرحب به و أجلسه و أحضر طعاما و أكلا ، و تأسف الملك على فراقه ، و قال : تذهب و تتركني وحدي ، ثم قام لتوديعه و ذهب بشتك من بين يديه ثماني خطوات أو نحوها ، ثم تقدم إليه ثلاثة نفر فقطع أحدهم سيفه من وسطه بسكين ، و وضع الآخر يده على فمه و كتفه الآخر ، و قيدوه و ذلك كله بحضرة السلطان ، ثم غيب و لم يدر أحد إلى أين صار ، ثم قالوا لمماليكه : اذهبوا أنتم فائتوا بمركوب1 - نسخة الخطبة في السلوك 2 / 3 / 559 .2 - في بدائع الزهور 1 / 1 / 474 : لما خلع من الخلافة ، عهد إلى ولده أحمد من بعده ، و ثبت ذلك العهد على قاضي قوص - و كان الخليفة المستكفي قد أبعد إلى قوص و أقام بها ثلاث سنين و نصف و مات هناك في شعبان سنة 741 ه - بشهادة أربعين رجلا من العدول .و أما الملك الناصر لم يول أحمد المذكور و تروى أربعة أشهر في أمر من يلي الخلافة إلى أن طلب - على حين غفلة - إبراهيم بن الامام أحمد الحاكم بأمر الله و ولاه الخلافة .