فأوقع الله بهم بأسا شديدا في هذا الشهر الشريف
كائنة وقعت بقرية حوران
الطريق بعد مجاوزته و أرسل إليه بتقليد نيابة صفد المحروسة ، فتماثل الحال و فرح بذلك أصحابه و أحبابه ، و قد متسلم دمشق الذي خلع عليه بنبابتها بالديار المصرية في يوم الخميس سادس عشر شهر رجب بعد أن استعفى من ذلك مرارا ، و باس الارض مرارا فلم يعفه السلطان ، و هو الامير سيف الدين استدمر أخو يلبغا اليحياوي ( 1 ) ، الذي كان نائب الشام ، و بنته اليوم زوجة السلطان ، قدم متسلمه إلى دمشق يوم الخميس سلخ الشهر فنزل في دار السعادة ، و راح القضاة و الاعيان للسلام عليه و التودد إليه ، و حملت إليه الضيافات و التقادم ، انتهى و الله أعلم .كائنة وقعت بقرية حوران فأوقع الله بهم بأسا شديدا في هذا الشهر الشريف و ذلك أنه أشهر أهل قرية بحوران و هي خاص لنائب الشام و هم حلبية يمن و يقال لهم بنو لبسه و بني ناشى و هي حصينة منيعة يضوي إليها كل مفسد و قاطع و مارق ولجأ إليهم أحد شياطين رويمن العشير و هو عمر المعروف بالدنيط ، فأعدوا عددا كثيرة و نهبوا ليغنموا العشير ، و في هذا الحين بدرهم والي الولاة المعروف بشنكل منكل ، فجاء إليهم ليردهم و يهديهم ، و طلب منهم عمر الدنيط فأبوا عليه و راموا مقاتلته ، و هم جمع كثير وجم غفير ، فتأخر عنهم و كتب إلى نائب السلطنة ليمده بجيش عونا له عليهم و على أمثالهم ، فجهز له جماعة من أمراء الطبلخانات والعشراوات و مائة من جند الحلقة الرماة ، فما بغتهم في بلدهم تجمعوا لقتال العسكر و رموه بالحجاره و المقاليع ، و حجزوا بينهم و بين البلد ، فعند ذلك رمتهم الاتراك بالنبال من كل جانب ، فقتلوا منهم فوق المائة ، ففروا على أعقابهم ، و أسر منهم والي الولاة نحوا من ستين رجلا ، و أمر بقطع رؤوس القتلى و تعليقها في أعناق هؤلاء الاسرى ، و نهبت بيوت الفلاحين كلهم ، و سلمت إلى مماليك نائب السلطنة لم يفقد منها ما يساوي ثلاثمائة درهم ، وكر راجعا إلى بصري و شيوخ العشيرات معه ، فأخبر ابن الامير صلاح الدين ابن خاص ترك ، و كان من جملة أمراء الطبلخانات الذين قاتلوهم بمبسوط ما يخصه و أنه كان إذا أعيا بعض تلك الاسرى من الجرحي أمر المشاعلي بذبحه و تعليق رأسه على بقية الاسرى ، و فعل هذا بهم غير مرة حتى أنه قطع رأس شاب منهم و علق رأسه على أبيه ، شيخ كبير ، فإنا لله و إنا إليه راجعون ، حتى قدم بهم بصري فشنكل طائفة من أولئك المأسورين و شنكل آخرين و وسط الآخرين و حبس بعضهم في القلعة ، و علق الرؤوس على أخشاب نصبها حول قلعة بصري ، فحصل بذلك تنكيل شديد لم يقع مثله في هذا الاوان بأهل حوران ، و هذا كله سلط عليهم بما كسبت أيديهم و ما ربك بظلام للعبيد ، و كذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ، فإنا لله و إنا إليه راجعون .انتهى .1 - في الاصل اليحناوي ، و قد تقدمت الاشارة إليه ، و قد صحح اليحياوي أينما ورد فيما بعد من الاخبار .