الشيخ كمال الدين ابن الشريشي
الشيخ الامام العالم الزاهد
و يقصد للختمات لصيت صوته ، توفي يوم الجمعة و هو كهل ثالث عشر جمادى الآخرة ، و دفن بسفح قاسيون .الشيخ الامام العالم الزاهد أبو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن عبد الله بن أبي جعفر أحمد بن خلف بن إبراهيم بن أبي عيسى بن الحاج النجيبي القرطبي ثم الاشبيلي ، ولد بإشبيلية سنة ثمان و ثلاثين و ستمأة ، و قد كان أهله بيت العلم و الخطابة و القضاء بمدينه قرطبة ، فلما أخذها الفرنج انتقلوا إلى إشبيلية و تمحقت أموالهم و كتبهم ، و صادر ابن الاحمر جده القاضي بعشرين ألف دينار ، و مات أبوه وجده في سنة إحدى و أربعين و ستمأة ، و نشأ يتيما ثم حج و أقبل إلى الشام فاستقام بدمشق من سنة أربع و ثمانين ، و سمع من ابن البخاري و غيره ، و كتب بيده نحوا من مائة مجلد ، إعانة لولديه أبي عمرو و أبي عبد الله على الاشتغال ، ثم كانت وفاته بالمدرسة الصلاحية يوم الجمعة وقت الاذان ثامن عشر رجب ، وصلي عليه بعد العصر و دفن عند القندلاوي ، بباب الصغير بدمشق ، و حضر جنازته خلق كثير .الشيخ كمال الدين ابن الشريشي أحمد ابن الامام العلامة جمال الدين بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن محد بن سحمان البكري الوايلي الشريشي ، كان أبوه مالكيا كما تقدم ، و اشتغل هو في مذهب الشافعي فبرع و حصل علوما كثيرة ، و كان خبيرا بالكتابة مع ذلك ، و سمع الحديث و كتب الطباق بنفسه ، و أفتى و درس و ناظر و باشر بعدة مدارس و مناصب كبار ، أول ما بأشر مشيخة دار الحديث بتربة أم الصالح بعد والده من سنة خمس و ثمانين و ستمأة إلى أن توفي ، و ناب في الحكم عن ابن جماعة .ثم ترك ذلك و ولي وكالة بيت المال و قضاء العسكر و نظر الجامع مرات ، و درس بالشامية البرانية و درس بالناصرية ( 1 ) عشرين سنة ، ثم انتزعها من يده ابن جماعة وزين الدين الفارقي ، فاستعادها منهما و باشر مشيخة الرباط الناصري بقاسيون مدة ، و مشيخة دار الحديث الاشرفية ؟ ثمان سنين ، و كان مشكور السيرة فيما يولي من الجهات كلها ، و قد عزم في هذه السنة على الحج فخرج بأهله فأدركته منيته بالحسا في سلخ شوال من هذه السنة ، و دفن هناك رحمه الله ، و تولى بعده الوكالة جمال الدين بن القلانسي ، و درس بالناصرية كمال الدين بن الشيرازي ، و بدار الحديث الاشرفية1 - تطلق الناصرية بدمشق على دار الحديث الناصرية و هي المدرسة الناصرية البرانية ، و المدرسة الناصرية الجوانية ، و قد درس بها الشريشي ، و أنشأ كلاهما الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن الملك العزيز محمد بن الظاهر غازي بن صلاح الدين بن أيوب المتوفى سنة 659 ه ( الدارس 1 / 115 ، 459 ) .