الشيخ صالح الاحمدي الرفاعي
الامير ركن الدين بيبرس
و استمر الشيخ في الحبس يستفتي و يقصده الناس و يزورونه ، و تأتيه الفتاوى المشكلة التي لا يستطيعها الفقهاء من الامراء و أعيان الناس ، فيكتب عليها بما يحير العقول من الكتاب و السنة .ثم عقد للشيخ مجلس بالصالحية بعمد ذلك كله ، و نزل الشيخ بالقاهرة بدار ابن شقير ، و أكب الناس على الاجتماع به ليلا و نهارا .و في سادس رجب بأشر الشيخ كمال الدين بن الزملكاني نظر ديوان المارستان عوضا عن يوسف العجمي توفي ، و كان محتسبا بدمشق مدة فأخذها منه نجم الدين بن البصراوي قبل هذا بستة أشهر ، و كان العجمي موصوفا بالامانة .و في ليلة النصف من شعبان أبطلت صلاة ليلة النصف لكونها بدعة و صين الجامع من الغوغاء و الرعاع ، و حصل بذلك خير كثير و لله الحمد و المنة .و في رمضان قدم الصدر نجم الدين البصراوي و معه توقيع بنظر الخزانة عوضا عن شمس الدين الخطيري مضافا إلى ما بيده من الحبسة ، و وقع في أواخر رمضان مطر قوي شديد ، و كان الناس لهم مدة لم يمطروا ، فأستبشروا بذلك ، و رخصت الاسعار ، و لم يمكن الناس الخروج إلى المصلى من كثرة المطر ، فصلوا بالجامع ، و حضر النائب السلطنة فصلى بالمقصورة ، و خرج المحمل ، و أمير الحج عامئذ سيف الدين بلبان البدري التتري .و فيها حج القاضي شرف الدين البارزي من حماة .و في ذي الحجة وقع حريق عظيم بالقرب من الظاهرية مبدأه من الفرن تجاهها الذي يقال له فرن العوتية ، ثم لطف الله وكف شرها و شررها .قلت : و في هذه السنة كان قدومنا من بصري إلى دمشق بعد وفاة الوالد ، و كان أول ما سكنا بدرب سعور الذي يقال له درب ابن أبي الهيجاء بالصاغة العتيقة عند الطوريين ، و نسأل الله حسن العاقبة و الخاتمة آمين .و ممن توفي فيها من الاعيان : الامير ركن الدين بيبرس العجمي الصالحي ، المعروف بالجالق ( 1 ) كا رأس الجمدارية في أيام الملك الصالح نجم الدين أيوب و أمره الملك الظاهر .كان من أكابر الدولة كثير الاموال ، توفي بالرملة لانه كان في قسم إقطاعه في نصف جمادى الاولى ، و نقل إلى القدس فدفن به .الشيخ صالح الاحمدي الرفاعي شيخ المينبع ، كان التتر يكرمونه لما قدموا دمشق ، و لما جاء قط لو شاه نائب التتر نزل عنده ،1 - الجالق : بفتح الجيم ، و هي كلمة تركية : اسم للفرس إلحاد المزاج الكثير اللعب .