بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
عوضا عن كتبغا ، و في ربيع الاول قدم إلى دمشق الشيخ قوام الدين مسعود بن الشيخ برهان الدين محمد بن الشيخ شرف الدين محمد الكرماني الحنفي ، فنزل بالقصاعين و تردد إليه الطلبة و دخل إلى نائب السلطنة و اجتمع به و هو شاب مولده سنة إحدى و سبعين و قد اجتمعت به ، و كان عنده مشاركة في الفروع و الاصول ودعوا أوسع من محصوله ، و كانت لابيه وجده مصنفات ، ثم صار بعد مدة إلى مصر و مات بها كما سيأتي .و في ربيع الاول تكامل فتح إياس ( 1 ) و معاملتها و انتزاعها من أيدي الارمن ، و أخذ البرج الاطلس ( 2 ) بينه و بينها في البحر رمية و نصف ، فأخذه المسلمون بإذن الله و خربوه ، و كانت أبوابه مطلية بالحديد و الرصاص ، و عرض سوره ثلاثة عشر ذراعا بالنجار ، و غنم المسلمون غنائم كثيرة جدا ، و حاصروا كواره فقوي عليهم الحر و الذباب ، فرسم السلطان بعودهم ، فحرقوا ما كان معهم من المجانيق و أخذوا حديدها و أقبلوا سالمين غانمين ، و كان معهم خلق كثير من المتطوعين .و في يوم الخميس الثالث و العشرين من جمادى الاولى كمل بسط داخل الجامع فاتسع على الناس ، و لكن حصل حرج بحمل الامتعة على خلاف العادة ، فإن الناس كانوا يمرون وسط الرواق و يخرجون من باب البرادة ، و من شاء استمر يمشي إلى الباب الآخر بنعليه ، و لم يكن ممنوعا سوى المقصورة لا يمكن أحد الدخول إليها بالمداسات ، بخلاف باقي الرواقات ، فأمر نائب السلطنة بتكميل بسطه بإشارة ناظره إلى مراحل .و في جمادى الآخرة رجعت العساكر من بلاد سيس و مقدمهم أقوش نائب الكرك .و في آخر رجب بأشر القاضي محيي الدين بن إسماعيل بن جهبل نيابة الحكم عن ابن صصرى عوضا عن الداراني الجعفري ، و استغنى الداراني بخطبة جامع العقبية عنها .و في ثالث رجب ركب نائب السلطنة إلى خدمة السلطان فأكرمه و خلع عليه ، و عاد في أول شعبان ففرح به الناس .و في رجب كملت عمارة الحمام الذي بناه الامير علاء الدين بن صبيح جوار داره شمالي الشامية البرانية .و في يوم الاثنين تاسع شعبان عقد الامير سيف الدين أبو بكر بن أرغون نائب السلطنة عقده على ابنة الناصر ، و ختن في هذا اليوم جماعة من أولاد الامراء بين يديه ، و ماد سماطا عظيما ، و نثرت الفضة على رؤوس المطهرين ، و كان يوما مشهودا ، و رسم السلطان في هذا اليوم وضع المكس عن المأكولات ( 3 ) بمكة ، و عوض صاحبها عن ذلك بإقطاع في بلد الصعيد ( 4 ) .