بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
و فيها قدم ملك التكرور ( 1 ) إلى القاهرة بسبب الحج في خامس عشرين رجب ، فنزل بالقرافة و معه من المغاربة و الخدم نحو من عشرين ألفا ، و معهم ذهب كثير بحيث إنه نزل سعر الذهب درهمين في كل مثقال ، و يقال له الملك الاشرف موسى بن أبي بكر ، و هو شاب جميل الصورة ، له مملكة متسعة مسيرة ثلاث سنين ، و يذكر أن تحت يده أربعة و عشرين ( 2 ) ملكا ، كل ملك تحت يده خلق و عساكر ، و لما دخل قلعة الجبل ليسلم على السلطان أمر بتقبيل الارض فامتنع من ذلك ، فأكرمه السلطان ، و لم يمكن من الجلوس أيضا حتى خرج من بين يدي السلطان و أحضر له حصان أشهب بزناري أطلس أصفر ، و هيئت له هجن و آلات كثيرة تليق بمثله ، و أرسل هو إلى السلطان أيضا بهدايا كثيرة من جملتها أربعون ألف دينار ، و إلى النائب بنحو عشرة آلاف دينار ، و تحف كثيرة .و في شعبان و رمضان زاد النيل بمصر زيادة عظيمة ، لم ير مثلها من نحو مائة سنة أو أزيد منها و مكث على الاراضي نحو ثلاثة و نصف ، و غرق أقصابا كثيرة ، و لكن كان نفعه أعظم من ضره .و في يوم الخميس ثامن عشر شعبان استناب القاضي جلال الدين القزويني نائبين في الحكم ، و هما يوسف بن إبراهيم بن جملة المحجي الصالحي ، و قد ولي القضاء فيما بعد ذلك كما سيأتي ، و محمد بن علي بن إبراهيم المصري ، و حكما يومئذ ، و من الغد جاء البريد و معه تقليد قضأ حلب للشيخ كمال الدين بن الزمكاني ، فاستدعاه نائب السلطنة و فاوضه في ذلك فامتنع ، فراجعه النائب ثم راجع السلطان فجاء البريد في ثاني عشر رمضان بإمضاء الولاية فشرع للتأهب لبلاد حلب ، و تمادى في ذلك حتى كان خروجه إليها في بكرة يوم الخميس رابع عشر شوال ، و دخل حلب يوم الثلاثاء سادس عشرين شوال فأكرم إكراما زائدا ، و درس بها و ألقى علوما أكبر من تلك البلاد ، و حصل لهم الشرف بفنونه و فوائده ، و حصل لاهل الشام الاسف على دروسه الانيقة الفائقة ، و ما أحسن ما قال الشاعر و هو شمس الدين محمد الحناط في قصيدة له مطولة أولها قوله : أسفت لفقدك جلق الفيحاء و تباشرت بقدومك الشهباء و في ثاني عشر رمضان عزل أمين الملك عن وزارة مصر و أضيفت الوزارة إلى الامير علاء الدين مغلطاي الحمالي ، أستاذ دار السلطان .و في أواخر رمضان طلب الصاحب شمس الدين غبريال إلى القاهرة فولي بها نظر الدواوين عوضا عن كريم الدين الصغير ، و قدم كريم الدين المذكور إلى دمشق في شوال ، فنزل بدار العدل من القصاعين .و ولي سيف الدين قد يدار ولاية مصر ، و هو شهم سفاك