بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
سلخ ربيع الآخر اجتاز الامير علاء الدين الطنبغا بدمشق و هو ذاهب إلى بلاد حلب نائبا عليها ، عوضا عن أرغون توفي إلى رحمة الله ، و قد تلقاه النائب و الجيش .و في مستهل جمادى الاولى حضر الامير الشريف رميثة بن أبي نمي إلى مكة ، فقرئ تقليده بأمرة مكة من جهة السلطان ، صحبة التجريدة ( 1 ) ، و خلع عليه و بايعه الامراء المجردون من مصر و الشام داخل الكعبة ، و قد كان وصول التجاريد إلى مكة في سابع ربيع الاول ( 2 ) ، فأقاموا بباب المعلى ، و حصل لهم خير كثير من الصلاة و الطواف ، و كانت الاسعار رخيصة معهم .و في يوم السبت سابع ربيع الآخر خلع على القاضي عز الدين بن بدر الدين بن جماعة بوكالة السلطان و نظر جامع طولون و نظر الناصرية ، و هنأه الناس عوضا عن التاج ابن إسحاق عبد الوهاب ، توفي و دفن بالقرافة .و في هذا الشهر تولى عماد الدين ابن قاضي القضاة الاخنائي تدريس الصارمية و هو صغير بعد وفاة النجم هاشم بن عبد الله البعلبكي الشافعي ، و حضرها في رجب و حضر عنده الناس خدمة لابيه ، و في حادي عشرين جمادي الآخرة رجعت التجريدة من الحجاز صحبة الامير سيف الدين الجي بغا ، و كانت غيبتهم خمسة أشهر و أياما ( 3 ) و أقاموا بمكة شهرا واحدا و يوما واحدا و حصل للعرب منهم رعب شديد ، و خوف أكيد ، و عزلوا عن مكة عطية و ولوا أخاه رميثة وصلوا و طافوا و اعتمروا ، و منهم من أقام هناك ليحج .و في ثاني رجب خلع على ابن أبي الطيب بنظر ديوان بيت المال عوضا عن ابن الصاين توفي .و في أوائل شعبان حصل بدمشق هواء شديد مزعج كسر كثيرا من الاشجار و الاغصان ، و ألقى بعض الحيطان و الجدران ، و سكن بعد ساعة بإذن الله ، فلما كان كان يوم تاسعه سقط برد كبار مقدار بيض الحمام ، و كسر بعض جامات الحمام .و في شهر شعبان هذا خطب بالمدرسة المعزية على شاطئ النيل أنشأها الامير سيف الدين طغزدمر ، أمير مجلس الناصري ، و كان الخطيب عز الدين عبد الرحيم بن الفرات الحنفي .و في نصف رمضان قدم الشيخ تاج الدين عمر بن علي بن سالم الملحي بن الفاكهاني المالكي ، نزل عند القاضي الشافعي ، و سمع عليه شيئا من مصنفاته ، و خرج إلى الحج عامئذ مع الشاميين ، و زار القدس قبل وصوله إلى دمشق .و في هذا الشهر وطء سوق الخيل و ركبت فيه حصبات كثيرة ، و عمل فيه نحو من أربعمائة نفس في أربعة أيام حتى ساووه و أصلحوه ، و قد كان قبل ذلك يكون فيها مياه كثيرة ، و ملقات .و فيه أصلح سوق الدقيق داخل باب الجابية إلى الثابتية و سقف عليه السقوف .