بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
طعمة العدو ، و دخل كثير من الناس إلى البراري و القفار و المغر بأهاليهم من الكبار و الصغار ، و نودي في الناس من كانت نيته الجهاد فليلتحق بالجيش فقد إقترب وصول التتر ، و لم يبق بدمشق من أكابرها إلا القليل ، و سافر ابن جماعة و الحريري و ابن صصرى و ابن منجا ، و قد سبقهم بيوتهم إلى مصر ، و جاءت الاخبار بوصول التتر إلى سرقين و خرج الشيخ زين الدين الفارقي و الشيخ إبراهيم الرقي و ابن قوام و شرف الدين بن تيمية و ابن خبارة إلى نائب السلطنة الافرم فقووا عزمه على ملاقاة العدو ، و اجتمعوا بمهنا أمير العرب فحضروه على قتال العدو فأجابهم بالسمع و الطاعة ، و قويت نياتهم على ذلك ، و خرج طلب سلار من دمشق إلى ناحية المرج ، و استعدوا للحرب و القتال بنيات صادقة .و رجع الشيخ تقي الدين بن تيمية من الديار المصرية في السابع و العشرين من جمادى الاولى على البريد ، و أقام بقلعة مصر ثمانية أيام يحثهم على الجهاد و الخروج إلى العدو ، و قد اجتمع بالسلطان و الوزير و أعيان الدولة فأجابوه إلى الخروج ، و قد غلت الاسعار بدمشق جدا ، حتى بيع خاروفان بخمسمائة درهم ، و اشتد الحال ، ثم جاءت الاخبار بأن ملك التتار قد خاض الفرات راجعا عامه ذلك لضعف جيشه و قلة عددهم ، فطابت النفوس لذلك و سكن الناس ، و عادوا إلى منازلهم منشرحين آمنين مستبشرين .و لما جاءت الاخبار بعدم وصول التتار إلى الشام في جمادى الآخرة تراجعت أنفس الناس إليهم و عاد نائب السلطنة إلى دمشق ، و كان مخيما في المرج من مدة إربعه أشهر متتابعة ، و هو من أعظم الرباط ، و تراجع الناس إلى أوطانهم : و كان الشيخ زين الدين الفارقي قد درس بالناصرية لغيبة مدرسها كمال الدين بن الشريشي بالكرك هاربا ، ثم عاد إليها في رمضان ، و في أواخر الشهر درس ابن الزكي بالدولعية عوضا عن جمال الدين الزرعي لغيبته .و في يوم الاثنين قرئت شروط الذمة على أهل الذمة و ألزم بها و اتفقت الكلمة على عزلهم عن الجهات ، و أخذوا بالصغار ، و نودي بذلك في البلد و ألزم النصارى بالعمائم الزرق ، و اليهود بالصفر ، و السامرة ( 1 ) بالحمر ، فحصل بذلك خير كثير و تميزوا عن المسلمين ، و في عاشر رمضان جاء المرسوم بالمشاركة بين أرجواش و الامير سيف الدين أقبجا في نيابة القلعة ، و أن يركب كل واحد منهما يوما ، و يكون الآخر بالقلعة يوما ، فامتنع أرجواش من ذلك .و في شوال درس بالاقبالية الشيخ شهاب الدين بن المجد عوضا عن علاء الدين القونوي بحكم إقامته بالقاهرة ، و في يوم الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة عزل شمس الدين بن الحريري عن قضأ الحنفية بالقاضي جلال الدين بن حسام الدين على قاعدته و قاعدة أبيه ، و ذلك باتفاق من الوزير شمس الدين سنقر الاعسر و نائب السلطان الافرم .و فيها وصلت رسل ملك