بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
جمعة ، ولديه فضائل ، و في كلامه نفع كثير إلى أن توفي في العشرين من شوال ، و لم ير الناس مثل جنازته بديار مصر رحمه الله .ثم دخلت سنة ثمان و ثلاثين و سبعمأة استهلت بيوم الاربعاء و الخليفة المستكفي منفي ببلاد قوص ( 1 ) ، و معه أهله و ذووه ، و من يلوذ به ، و سلطان البلاد الملك الناصر محمد بن الملك المنصور ، و لا نائب بديار مصر و لا وزير ، و نائبه بدمشق تنكز ، و قضاة البلاد ونوابها و مباشروها هم المذكورون في التي قبلها .و في ثالث ربيع الاول رسم السلطان بتسفير علي و محمد ابني داود بن سليمان بن داود بن العاضد آخر خلفاء الفاظميين إلى الفيوم يقيمون به .و في يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر عزل القاضي علم الدين ابن القطب عن كتابة السر و ضرب و صودر ، و نكب بسببه القاضي فخر الدين المصري ، و عزل عن مدرسته الدولعية و أخذها ابن جملة ، و العادلية الصغيرة باشرها ابن النقيب ، و رسم عليه بالعذراوية مائة يوم ، و أخذ شيء من ماله .و في ليلة الاحد ثالث عشرين ربيع الاول بعد المغرب هبت ريح شديدة بمصر و أعقبها رعد و برق و برد بقدر الجوز ، و هذا شيء لم يشاهدوا مثله من إعصار متطاولة بتلك البلاد .و في عاشر جمادى الاولى استهل الغيث بمكة من أول الليل ، فلما انتصف الليل جاء سيل عظيم هائل لم ير مثله من دهر طويل ، فخرب دورا كثيرة نحوا من ثلاثين أو أكثر ، و غرق جماعة و كسر أبواب المسجد ، و دخل الكعبة و ارتفع فيها نحوا من ذراع أو أكثر ، و جرى أمر عظيم حكاه الشيخ عفيف الدين الطبري .و في سابع عشرين من جمادى الاولى عزل القاضي جلال الدين ( 2 ) عن قضأ مصر ، و اتفق وصول خبر موت قاضي الشام ابن المجد ( 3 ) بعد أن عزل بيسير ، فولاه السلطان قضأ الشام فسار إليها راجعا عودا على بدء ، ثم عزل السلطان برهان الدين بن عبد الحق قاضي الحنفية ، و عزل قاضي الحنابلة تقي الدين ، و رسم على ولده صدر الدين بأداء ديوان الناس إليهم ، و كانت قريبا من ثلاثمائة ألف ، فلما كان يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الآخرة بعد سفر جلال الدين بخمسة أيام طلب السلطان أعيان الفقهاء إلى بين يديه فسألهم عن من يصلح للقضاء بمصر فوقع الاختيار على القاضي عز الدين بن جماعة ، فولاه في الساعة الراهنة ، و ولى قضأ الحنفية لحسام الدين حسن بن محمد الغوري قاضي بغداد ، و خرجا من بين يديه إلى المدرسة الصالحية ( 4 ) ،