بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
إذ ذاك إلى قوص مضيقا عليه و معه إخوة له ثلاثة ، و قيل أكثر ، و اجلسوا الملك الاشرف هذا على السرير ، و ناب له الامير سيف الدين قوصون الناصري ، و استمرت الامور على السداد و جاءت إلى الشام فبايعه الامراء يوم الاربعاء المذكور ، و ضربت البشائر عشية الخميس مستهل ربيع الاول و خطب له بدمشق يوم الجمعة بحضرة نائب السلطنة و القضاة و الامراء .و في يوم الاربعاء سابع عشر ربيع الاول حضر بدار الحديث الاشرفية قاضي القضاة تقي الدين السبكي عوضا عن شيخنا الحافظ جمال الدين المزي ، و مشيخة دار الحديث النورية عوضا عن ابنه رحمه الله .و في شهر جمادى الاولى اشتهر أن نائب حلب الامير سيف الدين طشتمر الملقب بالحمص الاخضر قائم في نصرة ابن السلطان الامير أحمد الذي بالكرك ، و أنه يستخدم لذلك و يجمع الجموع فالله أعلم .و في العشر الثاني منه وصلت الجيوش صحبة الامير سيف الدين قط لو بغا الفخري إلى الكرك في طلب ابن السلطان الامير أحمد .و في هذا الشهر كثر الكلام في أمر الامير أحمد بن الناصر الذي بالكرك ، بسبب محاصرة الجيش الذي صحبة الفخري له ، و اشتهر أن نائب حلب الامير سيف الدين طشتمر الملقب بالحمص الاخضر قائم بجنب أولاد السلطان الذين أخرجوا من الديار المصرية إلى الصعيد ، و في القيام بالمدافعة عن الامير أحمد ، ليصرف عنه الجيش ، و ترك حصاره و عزم بالذهاب إلى الكرك لنصرة أحمد ابن أستاذه ، و تهيأ له نائب الشام بدمشق ، و نادى في الجيش لملتقاه و مدافعته عما يريد من اقامة الفتنة وشق العصا ، و اهتم الجند لذلك ، و تأهبوا و استعدوا ، و لحقهم في ذلك كلفة كثيرة ، و انزعج الناس بسبب ذلك و تخوفوا أن تكون فتنة ، و حسبوا إن وقع قتال بينهم أن تقوم العشيرات في الجبال و حوران ، و تتعطل مصالح الزراعات و غير ذلك ، ثم قدم من حلب صاحب السلطان في الرسلية إلى نائب دمشق الامير علاء الدين الطنبغا و معه مشافهة ، فاستمع لها فبعث معه صاحب الميسرة أمان الساقي ، فذهبا إلى حلب ثم رجعا في أواخر جمادى الآخرة و توجها إلى الديار المصرية ، و اشتهر أن الامر على ما هو عليه حتى توافق على ما ذكر من رجوع أولاد الملك الناصر إلى مصر ، ما عدا المنصور ، و أن يخلي عن محاصرة الكرك .و في العشر الاخير من جمادى الاولى توفي مظفر الدين موسى بن مهنا ملك العرب و دفن بتدمر و في صبيحة يوم الثلاثاء ثاني جمادى الآخرة عند طلوع الشمس توفي الخطيب بدر الدين محمد بن القاضي جلال الدين القزويني بدار الخطابة بعد رجوعه من الديار المصرية كما قدمنا ، فخطب جمعة واحدة وصلى بالناس إلى ليلة الجمعة الاخرى ثم مرض فخطب عنه أخوه تاج الدين عبد الرحيم على العادة ثلاثة جمع ، و هو مريض إلى أن توفي يومئذ ، و تأسف الناس عليه لحسن شكله و صباحة وجهه و حسن ملتقاه و تواضعه ، و اجتمع الناس للصلاة عليه للظهر فتأخر تجهيزه إلى العصر فصلى عليه بالجامع قاضي القضاة تقي الدين السبكي ، و خرج به الناس إلى الصوفية ، و كانت جنازته حافلة جدا ، فدفن عند أبيه بالتربة التي أنشأها الخطيب بدر الدين هناك رحمه الله .