بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
= الشام مما اتفق بها من أخذ الاموال و انقطاع الجالب إليها و أن الرأي تأخير السفر إلى الحجاز في هذه السنة ..ورأى السلطان ذلك ..ثم رأيه تحت ضغط والدته و نسائه و قرر السفر و طلب أن تحمل إليه الاموال و تجدد الطلب على أناس فاشتد الامر على الناس بديار مصر و بلاد الشام و كثر دعاؤهم لما هم فيه من السخر و المغارم .و لما بلغ يلبغا ذلك ، و أن السلطان يريد مسكه جمع أمراء دمشق و حلفهم على القيام معه ..و كتبوا بخلع الكامل و ظاهروا بالخروج عن طاعته ..( السلوك 2 / 707 و ما بعدها ) .فانزعج لذلك و قال : لا أموت إلا على ظهر أفراسي ، لا على فراشي ، و خرج الجند و الامراء خوفا من أن يفوتهم بالفرار ، فنزلوا يمنة و يسرة ، فلم يذهب من تلك المنزلة بل استمر بها يعمل النيابة و يجتمع بالامراء جماعة و فرادى ، و يستميلهم إلى ما هو فيه من الرأي ، و هو خلع الملك الكامل شعبان لانه يكثر من مسك الامراء بغير سبب ، و يفعل أفعالا لا تيلق بمثله ، و ذكروا أمورا كثيرة ، و أن يولوا أخاه أمير حاجي بن الناصر لحسن شكالته و جميل فعله ، و لم يزل يفتلهم في الذروة و الغارب حتى أجابوه إلى ذلك ، و وافقوه عليه ، و سلموا له ما يدعيه ، و تابعوا على ما أشار إليه و بايعوه ، ثم شرع في البعث إلى نواب البلاد يستميلهم إلى ما ما لا عليه الدمشقيون و كثير من المصريين ، و شرع أيضا في التصرف في الامور العامة الكلية ، و أخرج بعض من كان الملك الكامل اعتقله بالقلعة المنصورة ، ورد إليه إقطاع بعد ما بعث الملك الكامل إلى من أقلعه عن منشوره ، و عزل و ولى و أخذ و أعطى ، و طلب التجار يوم الاربعاء ثامن عشره ليباع عليهم غلال الحواصل السلطانية فيدفعوا أثمانها في الحال ، ثم يذهبوا فيتسلموها من البلاد البرانية ، و حضر عنده القضاة على العادة و الامراء و السادة ، و هذا كله و هو مخيم بالمكان المذكور ، لا يحصره بلد و لا يحويه سور .و في يوم الخميس رابع جمادى الآخرة خرجت تجريده نحو عشرة طليعة لتلقي من يقدم من الديار المصرية من الامراء و غيرهم ، ببقاء الامر على ما كان عليه ، فلم يصدقهم النائب ، و ربما عاقب بعضهم ، ثم رفعهم إلى القلعة ، و أهل دمشق ما بين مصدق باختلاف المصريين و ما بين قائل السلطان الكامل قائم الصورة مستمر على ما كان عليه ، و التجار يد المصرية واصلة قريبا ، و لا بد من وقوع خبطة عظيمة .و تشوشت أذهان الناس و أحوالهم بسبب ذلك ، و الله المسؤول أن يحسن العاقبة .و حاصل القضيه أن العامة ما بين تصديق و تكذيب ، و نائب السلطنة و خواصه من كبار الامراء على ثقة من أنفسهم ، و أن الامراء على خلف شديد في الديار المصرية بين السلطان الكامل شعبان و بين أخيه أميرحاجي ، و الجمهور مع أخيه أمير حاجي ، ثم جاءت الاخبار إلى النائب بأن التجاريد المصرية خرجت تقصد الشام و من فيه من الجند لتوطد الامر ، ثم إنه تراجعت رؤوس الامراء في الليل إلى مصر و اجتمعوا إلى إخوانهم ممن هو ممالئ لهم على السلطان ، فاجتمعوا ودعوا إلى سلطنة أمير حاجي و ضربت الطبلخانات و صارت باقي النفوس متجاهرة على نية تأييده ،