بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
القضاة الثلاثة و طلبوا الحنبلي ليتكلموا معه فيما يتعلق بدار المعتمد التي بجوار مدرسة الشيخ أبي عمر ، التي حكم بنقض وقفها و هدم بابها و إضافتها إلى دار القرآن المذكورة ، و جاء مرسوم السلطان يوفق ذلك ، و كان القاضي الشافعي قد أراد منعه من ذلك ، فلما جاء مرسوم السلطان اجتمعوا لذلك ، فلم يحضر القاضي الحنبلي ، قال : حتى يجئ نائب السلطنة .و لما كان يوم الخميس خامس عشر ربيع الاول حضر القاضي حسين ولد قاضي القضاة تقي الدين السبكي عن أبيه مشيخة دار الحديث الاشرفية و قرئ عليه شيء كان قد خرجه له بعض المحدثين ، و شاع في البلد أنه نزل له عنها ، و تكلموا في ذلك كلاما كثيرا ، و انتشر القول في ذلك ، و ذكر بعضهم أنه نزل له عن الغزالية و العادلية ، و استخلفه في ذلك و الله أعلم .و في سحر ليلة الخميس شهر جمادى الآخرة وقع حريق عظيم بالجوانيين في السوق الكبير و احترقت دكاكين والفواخرة و المناجليين ، و فرجة الغرابيل ، و إلى درب القلى ، ثم إلى قريب درب العميد ، و صارت تلك الناحية دكا بلقعا ، فإنا لله و إنا إليه راجعون .و جاء نائب السلطنة بعد الاذان إلى هناك و رسم بطفي النار ، و جاء المتولي و القاضي الشافعي و الحجاب ، و شرع الناس في طفي النار ، و لو تركوها لاحترقت شيئا كثيرا ، و لم يفقد فيما بلغنا أحد من الناس ، و لكن هلك للناس شيء كثير من المتاع و الاثاث و الاملاك و غير ذلك ، و احترق للجامع من الرباع في هذا الحريق ما يساوي مائة ألف درهم .انتهى و الله أعلم .كائنة غريبة جدا و في يوم الاحد خامس عشر جمادى الاولى استسلم للقاضي الحنبلي جماعة من اليهود كان قد صدر منهم نوع استهزاء بالاسلام و أهله ، فإنهم حملوا رجلا منهم صفة ميت على نعش و يهللون كتهليل المسلمين أمام الميت و يقرأون ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد ) ] الاخلاص : 1 - 4 [ فسمع بهم من بحارتهم من المسلمين ، فأخذوهم إلى ولي الامر نائب السلطنة فدفعهم إلى الحنبلي ، فاقتضى الحال استسلامهم فأسلم يومئذ منهم ثلاثة و تبع أحدهم ثلاثة أطفال ، و أسلم في اليوم الثاني ثمانية آخرون فأخذهم المسلمون و طافوا بهم في الاسواق يهللون و يكبرون ، و أعطاهم أهل الاسواق شيئا كثيرا و راحوا بهم إلى الجامع فصلوا ثم أخذوهم إلى دار السعادة فاستطلقوا لهم شيئا ، و رجعوا و هم في ضجيج و تهليل و تقديس ، و كان يوما مشهودا و لله الحمد و المنة .انتهى و الله أعلم .مملكة السلطان الملك الصالح صلاح الدين بن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون الصالحي في العشر الاوسط من شهر رجب الفرد وردت البر يدية من الديار المصرية