بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
و في يوم الجمعة الثامن و العشرين من ربيع الآخر من هذه السنة صلي على الامير سيف الدين براق أمير أرجو بجامع تنكز ، و دفن بمقابر الصوفية ، و كان مشكور السيرة كثير الصلاة و الصدقة محبا للخير و أهله ، من أكابر أصحاب الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى .و قد رسم لولديه ناصر الدين محمد وسيف الدين أبي بكر كل منهما بعشرة أرماح ، و لناصر الدين بمكان أبيه في الوظيفة باصطبل السلطان .و في يوم الخميس رابع شهر جمادى الاولى خلع على الاميرين الاخوين ناصر الدين محمد وسيف الدين أبي بكر ولدي الامير سيف الدين براق رحمه الله تعالى ، بأميرين عشرتين ( 1 ) .و وقع في هذا الشهر نزاع بين الحنابلة في مسألة المناقلة ، و كان ابن قاضي الجبل الحنبلي يحكم بالمناقلة في قرار دار الامير سيف الدين طيدمر الاسماعيلي حاجب الحجاب إلى أرض أخرى يجعلها وقفا على ما كانت قرار داره عليه ، ففعل ذلك بطريقه و نفذه القضاة الثلاثة الشافعي و الحنفي و المالكي ، فغضب القاضي الحنبلي و هو قاضي القضاة جمال الدين المرداوي المقدسي من ذلك ، و عقد بسبب ذلك مجالس ، و تطاول الكلام فيه ، و ادعى كثير منهم أن مذهب الامام أحمد في المناقلة إنما هو في حال الضرورة ، و حيث لا يمكن الانتفاع بالموقوف ، فأما المناقلة لمجرد المصلحة و المنفعة الراجحة فلا ، و امتنعوا من قبول ما قرره الشيخ تقي الدين بن تيمية في ذلك ، و نقله عن الامام أحمد من وجوه كثيرة من طريق ابنيه صالح و حرب و أبي داود و غيرهم ، أنها تجوز للمصلحة الراجحة ، و صنف في ذلك مسألة مفردة وقفت عليها - يعني الشيخ عماد الدين بن كثير - فرأيتها في غاية الحسن و الافادة ، بحيث لا يتخالج من إطلع عليها ممن يذوق طعم الفقة أنها مذهب الامام أحمد رحمه الله ، فقد احتج أحمد في ذلك في رواية ابنه صالح بما رواه عن يزيد بن عوف ، عن المسعودي ، عن القاسم بن محمد : أن عمر كتب إلى ابن مسعود أن يحول المسجد الجامع بالكوفة إلى موضع سوق التمارين ، و يجعل السوق في مكان المسجد الجامع العتيق ، ففعل ذلك ، فهذا فيه أوضح دلالة على ما استدل به فيها من النقل بمجرد المصلحة فإنه لا ضرورة إلى جعل المسجد العتيق سوقا ، على أن الاسناد فيه انقطاع بين القاسم و بين عمر و بين القاسم و ابن مسعود ، و لكن قد جزم به صاحب المذهب ، و احتج به ، و هو ظاهر واضح في ذلك ، فعقد المجلس في يوم الاثنين الثامن و العشرين من الشهر .و في ليلة الاربعاء الرابع و العشرين من جمادى الاولى وقع حريق عظيم ظاهر باب الفرج احترق فيه بسببه قياسير كثيرة لطاز و يلبغا ، و قيسرية الطواشي لبنت تنكز ، و أخر كثيرة و دور