بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
ذكر مقتل المنصور لاجين و عود الملك إلى محمد بن قلاوون لما كان يوم السبت التاسع عشر من ربيع الآخر وصل جماعة من البر يدية و أخبروه بقتل السلطان الملك المنصور لاجين و نائبه سيف الدين منكوتمر ، و أن ذلك كان ليلة الجمعة حادي عشره ، على يد الامير سيف الدين كرجي الاشرفي ( 1 ) و من وافقه من الامراء ، و ذلك بحضور القاضي حسام الدين الحنفي و هو جالس في خدمته يتحدثان ، و قيل كانا يلعبان بالشطرنج ، فلم يشعر ا إلا و قد دخلوا عليهم فبادروا إلى السلطان بسرعة جهرة ليلة الجمعة فقتلوه و قتل نائبه صبرا صبيحة يوم الجمعة و ألقي على مزبلة ، و اتفق الامراء على إعادة ابن أستاذهم الملك الناصر محمد بن قلاوون ، فأرسلوا وراءه ، و كان بالكرك و نادوا له بالقاهرة ، و خطب له على المنابر قبل قدومه ، و جاءت الكتب إلى نائب الشام قبجق فوجدوه قد فر خوفا من غائلة لاجين ، فصارت إليه البر يدية فلم يدركوه إلا و قد لحق بالمغول عند رأس العين ، من أعمال ماردين ، و تفارط الحال و لا قوة إلا بالله .و كان الذي شمر العزم وراءهم و ساق ليردهم الامير سيف الدين بلبان ، و قام بأعباء البلد نائب القلعة علم الدين أرجواش ، و الامير سيف الدين جاعان ، و احتاطوا على ما كان له اختصاص بتلك الدولة ، و كان منهم جمال الدين يوسف الرومي محتسب البلد ، و ناظر المارستان ، ثم أطلق بعد مدة و أعيد إلى وظائفه ، و احتيط أيضا على سيف الدين جاعان و حسام الدين لاجين والي البر ، و أدخلا القلعة ، و قتل بمصر الامير سيف الدين ( 2 ) طغجي ، و كان قد ناب عن الناصر أربعة أيام ، و كرجي الذي تولى قتل لاجين فقتلا و ألقيا على المزابل ، و جعل الناس من العامة و غيرهم يتأملون صورة طغجي ، و كان جميل الصورة ، ثم بعد الدلال و المال و الملك وارتهم هناك قبور ، فدفن السلطان لاجين و عند رجليه نائبه منكوتمر ، و دفن الباقون في مضاجعهم هنالك .و جاءت البشائر بدخول الملك الناصر إلى مصر يوم السبت رابع جمادى الاولى ( 3 ) ، و كان يوما مشهودا ، و دقت البشائر و دخل القضاة و أكابر الدولة إلى القلعة ، و بويع بحضرة علم الدين أرجواش ، و خطب له على المنابر بدمشق و غيرها بحضرة أكابر العلماء و القضاة و الامراء ، و جاء الخبر بانه قد ركب وشق القاهرة و عليه خلعة الخليفة ، و الجيش معه مشاة ، فضربت البشائر