بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
موقعي الدست بدمشق ، وصلي عليه يوم الاربعاء و دفن بالسفح .و في يوم الجمعة الثالث و العشرين منه خطب قاضي القضاة جمال الدين الكفري الحنفي بجامع يلبغا عوضا عن الشيخ ناصر الدين بن القونوي رحمه الله تعالى ، و حضر عنده نائب السلطنة الامير سيف الدين قشتمر ، وصلى معه قاضي القضاة تاج الدين الشافعي بالشباك الغربي القبلي منه ، و حضر خلق من الامراء و الاعيان ، و كان يوما مشهودا ، و خطب ابن نباتة بأداء حسن و فصاحة بليغة ، هذا مع علم أن كل مركب صعب .و في يوم السبت خامس عشر جمادى الآخرة توجه الشيخ شرف الدين القاضي الحنبلي إلى الديار المصرية بطلب الامير سيف الدين يلبغا في كتاب كتبه إليه يستدعيه و يستحثه في القدوم عليه .و في يوم الثلاثاء ثاني شهر رجب سقط اثنان سكارى من سطح بحارة اليهود ، أحدهما مسلم و الآخر يهودي ، فمات المسلم من ساعته و انقلعت عين اليهودي و انكسرت يده لعنه الله ، و حمل إلى نائب السلطنة فلم يحر جوابا .و رجع الشيخ شرف الدين ابن قاضي الجبل بعد ما قارب غزة لما بلغه من الوباء بالديار المصرية فعاد إلى القدس الشريف ، ثم رجع إلى وطنه فأصاب السنة ، و قد وردت كتب كثيرة تخبر بشدة الوباء و الطاعون بمصر ، و أنه يضبط من أهلها في النهار نحو الالف ، و أنه مات جماعة ممن يعرفون كولدي قاضي قضاة تاج الدين المناوي ، و كاتب الحكم ابن الفرات ، و أهل بيته أجمعين ، فإنا لله و إنا إليه راجعون .و جاء الخبر في أواخر شهر رجب بموت جماعة بمصر منهم أبو حاتم بن الشيخ بهاء الدين السبكي المصري بمصر ، و هو شاب لم يستكمل العشرين ، و قد درس بعدة جهات بمصر و خطب ، ففقده والده و تأسف الناس عليه و عزوا فيه عمه قاضي القضاة تاج الدين السبكي قاضي الشافعية بدمشق ، و جاء الخبر بموت قاضي القضاة شهاب الدين أحمد الرباجي المالكي ، كان بحلب وليها مرتين ثم عزل فقصد مصر و استوطنها مدة ليتمكن من السعي في العودة فأدركته منيته في هذه السنة من الفناء و ولدان له معه أيضا .و في يوم السبت سادس شعبان توجه نائب السلطنة في صحبة جمهور الامراء إلى ناحية تدمر لاجل الاعراب من أصحاب خيار بن مهنا ، و من التف عليه منهم ، و قد دمر بعضهم بلد تدمر و حرقوا كثيرا من أشجارها ، و رعوها و انتهبوا شيئا كثيرا ، و خرجوا من الطاعة ، و ذلك بسبب قطع إقطاعاتهم و تملك أملاكهم و الحيلولة عليهم ، فركب نائب السلطنة بمن معه كما ذكرنا ، لطردهم عن تلك الناحية ، و في صحبتهم الامير حمزة بن الخياط ، أحد أمراء الطبلخانات ، و قد كان حاجبا لخيار قبل ذلك ، فرجع عنه و ألب عليه عند الامير الكبير يلبغا الخاصكي ، و وعده إن هو أمره و كبره أن يظفره بخيار و أن يأتيه برأسه ، ففعل معه ذلك ، فقدم إلى دمشق و معه مرسوم بركوب الجيش معه إلى خيار و أصحابه ، فساروا كما ذكرنا ، فوصلوا إلى