بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
الشيخ تقي الدين بن تيمية شيخ كان يلبس دلقا كبيرا متسعا جدا يسمى المجاهد إبراهيم القطان ، فأمر الشيخ بتقطيع ذلك الدلق فتناهبه الناس من كل جانب و قطعوه حتى لم يدعوا فيه شيئا و أمر بحلق رأسه ، و كان ذا شعر ، و قلم أظافره و كانوا طوالا جدا ، و حف شاربه المسبل على فمه المخالف للسنة ، و استتابه من كلام الفحش و أكل ما يغير العقل من الحشيشة و ما لا يجوز من المحرمات و غيرها .و بعده استحضر الشيخ محمد الخباز البلاسي فاستتابه أيضا عن أكل المحرمات و مخالطة أهل الذمة ، و كتب عليه مكتوبا أن لا يتكلم في تعبير المنامات و لا في غيرها بما لا علم له به .و في هذا الشهر بعينه راح الشيخ تقي الدين ين تيمية إلى مسجد النارنج ( 1 ) و أمر أصحابه و معهم حجارون بقطع صخرة كانت هناك بنهر قلوط تزار و ينذر لها ، فقطعها و أرح المسلمين منها و من الشرك بها ، فأزاح عن المسلمين شبهة كان شرها عظيما ، و بهذا و أمثالها حسدوه و أبرزوا له العداوة ، و كذلك بكلامه بإبن عربي و أتباعه ، فحسد على ذلك و عودي ، و مع هذا لم تأخذه في الله لومة لائم ، و لا بالى ، و لم يصلوا إليه بمكروه ، و أكثر ما نالوا منه الحبس مع أنه لم ينقطع في بحث لا بمصر و لا بالشام ، و لم يتوجه لهم عليه ما يشين و إنما أخذوه و حبسوه بالجاه كما سيأتي ، و إلى الله إياب الخلق و عليه حسابهم .و في رجب جلس قاضي القضاة نجم الدين بن صصرى بالمدرسة العادلية الكبيرة و عملت التخوت بعد ما جددت عمارة المدرسة ، و لم يكن أحد يحكم بها بعد وقعة قازان بسبب خرابها ، و جاء المرسوم للشيخ برهان الدين الفزاري بوكالة بيت المال فلم يقبل ، و للشيخ كمال الدين بن الزملكاني بنظر الخزانة فقبل و خلع عليه بطرحة ، و حظر بها يوم الجمعة ، و هاتان الوظيفتان كانتا مع نجم الدين بن أبي الطيب توفي إلى رحمة الله .و في شعبان سعى جماعة في تبطيل الوقيد ليلة النصف و أخذوا خطوط العلماء في ذلك ، و تكلموا مع نائب السلطنة فلم يتفق ذلك ، بل أشعلوا و صليت صلاة ليلة النصف أيضا .و في خامس رمضان وصل الشيخ كمال الدين بن الشريشي من مصر بوكالة بيت المال ، و لبس الخلعة سابع رمضان ، و حضر عند ابن صصرى بالشباك الكمالي .و في سابع شوال عزل وزير مصر ناصر الدين بن الشيخي و قطع إقطاعه و رسم عليه و عوقب إلى أن مات في ذي القعدة ، و تولى الوزارة سعد الدين محمد بن محمد ابن عطاء و خلع عليه .و في يوم الخميس الثاني و العشرين من ذي القعدة حكم قاضي القضاة جمال الدين الزواوي بقتل الشمس محمد بن جمال الدين بن عبد الرحمن الباجريقي ، و إراقة دمه و إن تاب و إن أسلم ، بعد إثبات محضر عليه يتضمن كفر الباجريقي المذكور ، و كان ممن شهد فيه عليه الشيخ مجد الدين التونسي النحوي الشافعي ، فهرب الباجريقي إلى بلاد الشرق ( 2 ) فمكث بها مدة