بدایة والنهایة جلد 14
لطفا منتظر باشید ...
و يتردد إليه الاكابر و الاعيان و الفقهاء ، يقرأون عليه و يستفيدون منه ، و هو في أطيب عيش و أشرح صدر .و في آخر ربيع الاول عزل الشيخ كمال الدين بن الزملكاني عن نظر المارستان بسبب انتمائه إلى ابن تيمية بإشارة المنبجي ، و باشره شمس الدين عبد القادر بن الخطيري .و في يوم الثلاثاء ثالث ربيع الآخر ولي قضأ الحنابلة بمصر الشيخ الامام الحافظ سعد الدين أبو محمود مسعود بن أحمد بن مسعود بن زين الدين الحارثي ، شيخ الحديث بمصر ، بعد وفاة القاضي شرف الدين أبي محمد عبد الغنى بن يحيى بن محمد بن عبد الله بن نصر بن أبي بكر الحراني .و في جمادى الاولى برزت المراسيم السلطانية المظفرية إلى البلاد السواحلية بإبطال الخمور و تخريب الحانات و نفي أهلها ، ففعل ذلك و فرح المسلمون بذلك فرحا شديدا .و في مستهل جمادى الآخرة وصل بريد بتولية قضأ الحنابلة بدمشق للشيخ شهاب الدين أحمد بن شريف الدين حسن بن الحافظ جمال الدين أبي موسى عبد الله بن الحافظ عبد الغنى المقدسي ، عوضا عن التقي سليمان بن حمزة بسبب تكلمه في نزول الملك الناصر عن الملك ، و أنه إنما نزل عنه مضطهدا بذلك ، ليس بمختار ، و قد صدق فيما قال .و في عشرين جمادى الآخرة وصل البريد بولاية شد الدواوين للامير سيف الدين بكتمر الحاجب ، عوضا عن الرستمي فلم يقبل ، و بنظر الخزانة للامير عز الدين أحمد بن زين الدين محمد بن أحمد بن محمود المعروف بإبن القلانسي ، فباشرهما و عزل عنها البصراوي محتسب البلد .و في هذا الشهر بأشر قاضي القضاة ابن جماعة مشيخة سعيد السعداء بالقاهرة بطلب الصوفية له ، و رضوا منه بالحضور عندهم في الجمعة مرة واحدة ، و عزل عنها الشيخ كريم الدين الايكي ، لانه عزل منها الشهود ، فثاروا عليه و كتبوا في حقه محاضر بأشياء قادحة في الدين ، فرسم بصرفه عنهم ، و عومل بنظير ما كان يعامل به الناس ، و من جملة ذلك قيامه على شيخ الاسلام ابن تيمية و افتراؤه عليه الكذب ، مع جهله و قلة ورعه ، فعجل الله له هذا الخزي على يدي أصحابه و أصدقائه جزاء وفاقا .و في شهر رجب كثر الخوف بدمشق و انتقل الناس من ظاهرها إلى داخلها ، و سبب ذلك أن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ركب من الكرك قاصدا دمشق يطلب عوده إلى الملك ، و قد مالاه جماعة من الامراء و كاتبوه في الباطن و ناصحوه ، و قفز إليه جماعة من أمراء المصريين ، و تحدث الناس بسفر نائب دمشق الافرم إلى القاهرة ، و أن يكون مع الجم الغفير ، فاضطرب الناس و لم تفتح أبواب البلد إلى ارتفاع النهار ، و تخبطت الامور ، فاجتمع القضاة و كثير من الامراء بالقصر و جددوا البيعة للملك المظفر ، و في آخر نهار السبت غلقت أبواب البلد بعد العصر و ازدحم الناس بباب النصر و حصل لهم تعب عظيم ، و ازدحم البلد بأهل القرى و كثر الناس بالبلد ، و جاء البريد بوصول الملك الناصر إلى الخمان ، فانزعج نائب الشام لذلك و أظهر أنه يريد قتاله و منعه من دخول