نظرة أخرى في الروايات وتحقيق آخر في المقام
و قد حملت الرواية الدالة على التنصيف على التقية ( 1 ) .قال الشيخ قدس سره : إن هذا الخبر شاذ مخالف لظاهر القرآن و للاخبار الكثيرة التي قدمناها و ما هذا حكمه لا يعمل به و لا يعترض بمثله ( 2 ) .و قال الشيخ الحر العاملي رحمة الله عليه : يمكن حمله على التقية و على التعريض دون التصريح .انتهى .و مما يوجب ترجيح الاخبار الكثيرة الدالة على التساوى هو أن بعض هذه الروايات مشتملة على التعليل أي ذكر العلة في لزوم الحد الكامل و ذلك كرواية الحلبي و رواية الحضرمي و غيرهما فقد علل وجوب الثمانين بأن حد القذف من حقوق الناس لا من حقوق الله حتى ينصف في العبد .فحينئذ فالمرجح في النظر و الاقوى هو القول بعدم اشتراط الحرية في المقام و أن الثمانين حد الفرية أي القذف سواء أ كان القاذف حرا أم عبدا .نظرة أخرى في الروايات و تحقيق آخر في المقام ثم إنا قد ذكرنا أن في المسألة قولين و آيتين و طائفتين من الاخبار .لكن التحقيق أن روايات الباب على خمسة أصناف : أحدها : ما يدل على التساوى بين الحر و العبد و عدم الفرق بينهما في المقام و هو أكثرها عددا - حيث يبلغ ثلاث عشرة رواية - و أصرحها دلالة .ثانيها : ما يدل على أن حد القذف في المملوك أربعون و هو روايتان : احديهما رواية القاسم المذكورة آنفا .و الاخرى رواية حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : كم التعزير ؟ فقال : دون الحد قال : قلت : دون ثمانين ؟ قال : لا و لكن دون1 - أقول : قد أستشكل في سند رواية القاسم حيث إنه مجهول فلا يمكن التمسك بها و نسبه الشيخ في التهذيب إلى الشذوذ .( 2 ) تهذيب الاحكام ج 10 ص 73 .