في جواز التبعيض كما لا يخفى .هذه مجموع الروايت التي استدل بها على عدم الوجوب من كلا النوعين ، اعني ما كان صريحا فيه ، و ما دل على جواز التبعيض المستلزم لذلك بالتقريب المتقدم .و مقتضى الجمع العرفي بينها و بين الطائفة التي ذكرناها أولا مما كان ظاهرا في الوجوب هو الحمل على الاستحباب كما هو مقتضى الصناعة في جميع الابواب من رفع اليد عن ظهور احد الدليلين بصراحة الآخر ، فان الطائفة السابقة ظاهرة في الوجوب ، و هذه صريحة في الجواز ، فيرفع اليد عن ظهور تلك بصراحة هذه و تحمل على الاستحباب ، إلا انه ربما يناقش في ذلك في خصوص المقام من وجهين : أحدهما : سقوط الطائفة الثانية عن الحجية باعراض المشهور عنها فلا تصلح للمعارضة مع الطائفة الاولى الظاهرة في الوجوب .و فيه : اولا ما ذكرناه في الاصول من منع الكبرى و ان الاعراض لا يسقط الصحيح عن الحجية ، كما ان العمل لا ينجبر به الضعف و ثانيا على تقدير التسليم فالصغرى ممنوعة ، فان الاعراض إنما يورث الوهن لكشفه عن خلل في السند فلا يوثق بصدوره ، و لذا قيل كلما ازداد صحة ازداد بالاعراض وهنا و بعدا .و لا ينبغي الريب في حصول الوثوق بصدور جملة من هذه الاخبار ، كيف و هي من الكثرة بمكان تتجاوز حد الاستفاضة ، و رواة أكثرها من أعاظم الاصحاب كزرارة ، و محمد بن مسلم و أضرابهما .و قد ضبطها أرباب الحديث في مجامعهم ، بل قد افتى جم غفير من أساطين الاعلام بمضمونها من القدماء و المتأخرين ، كالشيخ في النهاية ، و العلامة