الصفة الثانية عشرة:
قوله: أُولئِكَالَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْو معناه أنهم اشتروا عبادة الآلهة بعبادةاللَّه تعالى فكان هذا الخسران أعظم وجوهالخسران.الصفة الثالثة عشرة:
قوله: وَ ضَلَّعَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَو المعنى أنهم لما باعوا الدين بالدنيافقد خسروا، لأنهم أعطوا الشريف، و رضوابأخذ الخسيس، و هذا عين الخسران في الدنياثم في الآخرة فهذا الخسيس يضيع و يهلك و لايبقى منه أثر، و هو المراد بقوله: وَ ضَلَّعَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ.الصفة الرابعة عشرة:
قوله: لا جَرَمَأَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُالْأَخْسَرُونَو تقريره ما تقدم، و هو أنه لما أعطىالشريف الرفيع و رضي بالخسيس الوضيع فقدخسر في التجارة. ثم لما كان هذا الخسيسبحيث لا يبقى بل لا بد و أن يهلك و يفنىانقلبت تلك التجارة إلى النهاية في صفةالخسارة، فلهذا قال: لا جَرَمَ أَنَّهُمْفِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ وقوله لا جَرَمَ قال الفراء: إنها بمنزلةقولنا لا بد و لا محالة، ثم كثر استعمالهاحتى صارت بمنزلة حقا، تقول العرب: لا جرمأنك محسن، على معنى حقا إنك محسن، و أماالنحويون فلهم فيه وجوه: الأول: لا حرف نفيو جزم، أي قطع، فإذا قلنا: لا جرم معناه أنهلا قطع قاطع عنهم أنهم في الآخرة همالأخسرون. الثاني: قال الزجاج إن كلمة لانفي لما ظنوا أنه ينفعهم، و جَرَمَ معناهكسب ذلك الفعل، و المعنى: لا ينفعهم ذلك وكسب ذلك الفعل لهم الخسران في الدنيا والآخرة، و ذكرنا جَرَمَ بمعنى كسب فيتفسير قوله تعالى: لا يَجْرِمَنَّكُمْشَنَآنُ قَوْمٍ [المائدة: 2] قال الأزهري، وهذا من أحسن ما قيل في هذا الباب، الثالث:قال سيبويه و الأخفش: لا رد على أهل الكفركما ذكرنا و جرم معناه حق و صحح، و التأويلأنه حق كفرهم وقوع العذاب و الخسران بهم. واحتج سيبويه بقول الشاعر:
و لقد طعنت أبا عيينة طعنة
جرمت فزاةبعدها أن يغضبوا
جرمت فزاةبعدها أن يغضبوا
جرمت فزاةبعدها أن يغضبوا