أن المراد من هذه الآية أنهميتعارفون بينهم يوبخ بعضهم بعضا، فيقول:كل فريق للآخر أنت أضللتني يوم كذا و زينتلي الفعل الفلاني من القبائح، فهذا تعارفتقبيح و تعنيف و تباعد و تقاطع لا تعارفعطف و شفقة. و أما قوله تعالى: وَ لايَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً فالمراد سؤالالرحمة و العطف.
و الوجه الثاني:
في الجواب حمل هاتينالآيتين على حالتين، و هو أنهم يتعارفونإذا بعثوا ثم تنقطع المعرفة فلذلك لا يسالحميم حميما.أما قوله تعالى: قَدْ خَسِرَ الَّذِينَكَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِففيه وجهان: الأول: أن يكون التقدير: و يوميحشرهم حال كونهم متعارفين، و حال كونهمقائلين قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوابِلِقاءِ اللَّهِ الثاني: أن يكون قَدْخَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا كلام اللَّه،فيكون هذا شهادة من اللَّه عليهمبالخسران، و المعنى: أن من باع آخرتهبالدنيا فقد خسر، لأنه أعطى الكثير الشريفالباقي و أخذ القليل الخسيس الفاني.و أما قوله: وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَفالمراد أنهم ما اهتدوا إلى رعاية مصالحهذه التجارة، و ذلك لأنهم اغتروا بالظاهرو غفلوا عن الحقيقة، فصاروا كمن رأى زجاجةحسنة فظنها جوهرة شريفة فاشتراها بكل ماملكه، فإذا عرضها على الناقدين خاب سعيه وفات أمله و وقع في حرقة الروع و عذاب القلب.و أما قوله: وَ إِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَالَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْنَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنامَرْجِعُهُمْفاعلم أن قوله فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْجواب نَتَوَفَّيَنَّكَ