مفاتیح الشرائع جلد 17
لطفا منتظر باشید ...
وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَمِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ [الأحزاب: 7] و الثاني: أن هذاالضمير عائد إلى القرآن و التقدير: و ماتتلو من القرآن من قرآن، و ذلك لأن كما أنالقرآن اسم للمجموع، فكذلك هو اسم لكل جزءمن أجزاء القرآن و الإضمار قبل الذكر، يدلعلى التعظيم. الثالث: أن يكون التقدير: و ماتتلو من قرآن من اللَّه أي نازل من عنداللَّه. و أقول: قوله: وَ ما تَكُونُ فِيشَأْنٍ وَ ما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْقُرْآنٍ أمران مخصوصان بالرسول صلّى اللهعليه وسلّم.و أما قوله: وَ لا تَعْمَلُونَ مِنْعَمَلٍفهذا خطاب مع النبي و مع جميع الأمة والسبب في أن خص الرسول بالخطاب أولا، ثمعمم الخطاب مع الكل، هو أن قوله: وَ ماتَكُونُ فِي شَأْنٍ وَ ما تَتْلُوا مِنْهُمِنْ قُرْآنٍ و إن كان بحسب الظاهر خطابامختصا بالرسول، إلا أن الأمة داخلون فيه ومرادون منه، لأنه من المعلوم أنه إذا خوطبرئيس القوم كان القوم داخلين في ذلكالخطاب و الدليل عليه قوله تعالى: ياأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُالنِّساءَ [الطلاق: 1] ثم إنه تعالى بعد أنخص الرسول بذينك الخطابين عمم الكلبالخطاب الثالث فقال:وَ لا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ فدل ذلكعلى كونهم داخلين في الخطابين الأولين.ثم قال تعالى: إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْشُهُوداًو ذلك لأن اللَّه تعالى شاهد على كل شيء،و عالم بكل شيء، أما على أصول أهل السنة والجماعة، فالأمر فيه ظاهر، لأنه لا محدث ولا خالق و لا موجد إلا اللَّه تعالى فكل مايدخل في الوجود من أفعال العباد و أعمالهمالظاهرة و الباطنة، فكلها حصلت بإيجاداللَّه تعالى و إحداثه و الموجد للشيء لابد و أن يكون عالما به، فوجب كونه تعالىعالما بكل المعلومات، و أما على أصولالمعتزلة، فقد قالوا: إنه تعالى حي و كل منكان حيا، فإنه يصح أن يعلم كل و احد منالمعلومات، و الموجب لتلك العالمية، هوذاته سبحانه فنسبة ذاته إلى اقتضاء حصولالعالمية ببعض المعلومات كنسبة ذاته إلىاقتضاء حصول العالمية بسائر المعلومات،فلما اقتضت ذاته حصول العالمية ببعضالمعلومات وجب أن تقتضي حصول العالميةبجميع المعلومات فثبت كونه تعالى عالمابجميع المعلومات.أما قوله تعالى: إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِفاعلم أن الإفاضة ههنا الدخول في العملعلى جهة الانصاب إليه و هو الانبساط فيالعمل، يقال أفاض القوم في الحديث إذااندفعوا فيه، و قد أفاضوا من عرفة إذادفعوا منه بكثرتهم، فتفرقوا.فإن قيل: إِذْ ههنا بمعنى حين، فيصيرتقدير الكلام إلا كنا عليكم شهودا حينتفيضون فيه، و شهادة اللَّه تعالى عبارةعن علمه، فيلزم منه أن يقال إنه تعالى ماعلم الأشياء إلا عند وجودها و ذلك باطل.قلنا: هذا السؤال بناء على أن شهادةاللَّه تعالى عبارة عن علمه، و هذا ممنوع،فإن الشهادة لا تكون إلا عند وجود المشهودعليه، و أما العلم، فلا يمتنع تقدمه علىالشيء، و الدليل عليه أن الرسول عليهالسلام، لو أخبرنا عن زيد أنه يأكل غدا كنامن قبل حصول تلك الحالة عالمين بها و لانوصف بكوننا شاهدين لها. و اعلم أن حاصلهذه الكلمات أنه لا يخرج عن علم اللَّهشيء، ثم إنه تعالى أكد هذا الكلام زيادةتأكيد، فقال:وَ ما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْمِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِيالسَّماءِ وَ لا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ وفيه مسائل: